Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 22, Ayat: 19-22)

Tafsir: Muḫtaṣar tafsīr Ibn Kaṯīr

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

ثبت في " الصحيحين " عن أبي ذر أنه كان يقسم قسماً أن هذه الآية { هَـٰذَانِ خَصْمَانِ ٱخْتَصَمُواْ فِي رَبِّهِمْ } نزلت في حمزة وصاحبيه ، وعتبة وصاحبيه يوم برزوا في بدر ، وروى البخاري عن علي بن أبي طالب أنه قال : أنا أول من يجثو بين يدي الرحمٰن للخصومة يوم القيامة ، قال قيس : وفيهم نزلت { هَـٰذَانِ خَصْمَانِ ٱخْتَصَمُواْ فِي رَبِّهِمْ } قال : هم الذين بارزوا يوم بدر : علي وحمزة وعبيدة ، وشيبة بن ربيعة وعتبة بن ربيعة والوليد بن عتبة . وقال قتادة في قوله : { هَـٰذَانِ خَصْمَانِ ٱخْتَصَمُواْ فِي رَبِّهِمْ } قال : اختصم المسلمون وأهل الكتاب ، فقال أهل الكتاب : نبينا قبل نبيكم ، وكتابنا قبل كتابكم فنحن أولى بالله منكم ، وقال المسلمون : كتابنا يقضي على الكتب كلها ونبينا خاتم الأنبياء ، فنحن أولى بالله منكم فأفلج الله الإسلام على من ناوأه ، وأنزل : { هَـٰذَانِ خَصْمَانِ ٱخْتَصَمُواْ فِي رَبِّهِمْ } . وقال مجاهد في هذه الآية : مثل الكافر والمؤمن اختصما في البعث ، وقال مجاهد وعطاء في هذه الآية : هم المؤمنون والكافرون . وقال عكرمة { هَـٰذَانِ خَصْمَانِ ٱخْتَصَمُواْ فِي رَبِّهِمْ } قال : هي الجنة والنار ، قالت النار : اجعلني للعقوبة ، وقالت الجنة : اجعلني للرحمة ، وقول مجاهد وعطاء إن المراد بهذه الكافرون والمؤمنون يشمل الأقوال كلها ، وينتظم فيه قصة يوم بدر وغيرها ، فإن المؤمنين يريدون نصرة دين الله عزّ وجلّ ، والكافرون يريدون إطفاء نور الإيمان وخذلان الحق وظهور الباطل ، وهذا اختيار ابن جرير وهو حسن ، ولهذا قال : { فَٱلَّذِينَ كَفَرُواْ قُطِّعَتْ لَهُمْ ثِيَابٌ مِّن نَّارٍ } أي فصلت لهم مقطعات من النار ، قال سعيد بن جبير : من نحاس وهو أشد الأشياء حرارة إذا حمي { يُصَبُّ مِن فَوْقِ رُءُوسِهِمُ ٱلْحَمِيمُ * يُصْهَرُ بِهِ مَا فِي بُطُونِهِمْ وَٱلْجُلُودُ } أي إذا صب على رؤوسهم الحميم وهو الماء الحار في غاية الحرار ، وقال سعيد بن جبير : هو النحاس المذاب أذاب ما في بطونهم من الشحم والأمعاء ، وكذلك تذوب جلودهم . عن أبي هريرة ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " إن الحميم ليصب على رؤوسهم فينفذ الجمجمة حتى يخلص إلى جوفه ، فيسلت ما في جوفه حتى يبلغ قدميه ، وهو الصهر ثم يعاد كما كان " وفي رواية : يأتيه الملك يحمل الإناء بكلبتين من حرارته ، فإذا أدناه من وجهه تكرهه ، قال : فيرفع مقمعة معه فيضرب بها رأسه ، فيفرغ دماغه ، ثم يفرغ الإناء في دماغه فيصل إلى جوفه من دماغه ، فذلك قوله : { يُصْهَرُ بِهِ مَا فِي بُطُونِهِمْ وَٱلْجُلُودُ } . وقوله : { وَلَهُمْ مَّقَامِعُ مِنْ حَدِيدٍ } ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " لو أن مقمعاً من حديد وضع في الأرض فاجتمع له الثقلان ما أقلوه من الأرض " وروى الإمام أحمد : عن أبي سعيد الخدري قال ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لو ضرب الجبل بمقمع من حديد لتفتت ثم عاد كما كان ، ولو أن دلواً من غسَّاق يهراق في الدنيا لأنتن أهل الدنيا " ، وقال ابن عباس في قوله : { وَلَهُمْ مَّقَامِعُ مِنْ حَدِيدٍ } قال : يضربون بها فيقع كل عضو على حياله فيدعون بالثبور ، وقوله : { كُلَّمَآ أَرَادُوۤاْ أَن يَخْرُجُواْ مِنْهَا مِنْ غَمٍّ أُعِيدُواْ فِيهَا } ، قال سلمان : النار سوداء مظلمة لا يضيء لهبها ولا جمرها ، ثم قرأ : { كُلَّمَآ أَرَادُوۤاْ أَن يَخْرُجُواْ مِنْهَا مِنْ غَمٍّ أُعِيدُواْ فِيهَا } ، وقال زيد بن أسلم في هذه الآية : بلغني أن أهل النار لا يتنفسون ، وقال الفضيل بن عياض : والله ما طمعوا في الخروج ، إن الأرجل لمقيدة وإن الأيدي لموثقة ، ولكن يرفعهم لهبها وتردهم مقامعها ، وقوله : { وَذُوقُواْ عَذَابَ ٱلْحَرِيقِ } ، كقوله : { وَقِيلَ لَهُمْ ذُوقُواْ عَذَابَ ٱلنَّارِ ٱلَّذِي كُنتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ } [ السجدة : 20 ] ، ومعنى الكلام أنهم يهانون بالعذاب قولاً وفعلاً .