Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 22, Ayat: 25-25)

Tafsir: Muḫtaṣar tafsīr Ibn Kaṯīr

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

يقول تعالى منكراً على الكفار في صدهم المؤمنين عن إتيان المسجد الحرام وقضاء مناسكهم فيه ، { إِنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ وَيَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِ وَٱلْمَسْجِدِ ٱلْحَرَامِ } أي ومن صفتهم أنهم مع كفرهم يصدون عن سبيل الله والمسجد الحرام ، أي ويصدون عن المسجد الحرام من أراده من المؤمنين ، الذين هم أحق الناس به في نفس الأمر ، وقوله : { ٱلَّذِي جَعَلْنَاهُ لِلنَّاسِ سَوَآءً ٱلْعَاكِفُ فِيهِ وَٱلْبَادِ } أي يمنعون عن الوصول إلى المسجد الحرام ، وقد جعله الله للناس لا فرق بين المقيم فيه والنائي عنه البعيد الدار منه ، { سَوَآءً ٱلْعَاكِفُ فِيهِ وَٱلْبَادِ } ، ومن ذلك استواء الناس في رباع مكة وسكناها ، كما قال ابن عباس : ينزل أهل مكة وغيرهم في المسجد الحرام ؛ وقال مجاهد : { سَوَآءً ٱلْعَاكِفُ فِيهِ وَٱلْبَادِ } أهل مكة وغيرهم فيه سواء في المنازل ، وقال قتادة : سواء فيه أهله وغيره أهله ؛ وهذه المسألة هي التي اختلف فيها الشافعي وإسحاق بن راهويه بمسجد الخيف وأحمد بن حنبل حاضر أيضاً . فذهب رحمه الله إلى أن رباع مكة تملك وتورث وتؤجر ، واحتج بحديث الزهري " عن أسامه بن زيد قال ، قلت : يا رسول الله أتنزل غداً في دارك بمكة ؟ فقال : " وهل ترك لنا عقيل من رباع " ثم قال : " لا يرث الكافر المسلم ولا المسلم الكافر " ، وبما ثبت أن عمر بن الخطاب اشترى من ( صفوان بن أمية ) داراً بمكة فجعلها سجناً بأربعة آلاف درهم ، وذهب إسحاق بن راهويه إلى أنها لا تورث ولا تؤجر ، وهو مذهب طائفة من السلف ، واحتج إسحاق بن راهويه بما روي عن علقمة بن نضلة قال : توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر وعمر وما تدعى رباع مكة إلا السوائب من احتاج سكن ومن استغنى أسكن . وقال عبد الله بن عمرو : لا يحل بيع دور مكة ولا كراؤها ، وكان عطاء ينهى عن الكراء في الحرم . وقال عمر بن الخطاب : يا أهل مكة لا تتخذوا لدوركم أبواباً لينزل البادي حيث يشاء ، وروى الدارقطني عن عبد الله بن عمرو موقوفاً : " من أكل كراء بيوت مكة أكل ناراً " ، وتوسط الإمام أحمد فقال : تملك وتورث ولا تؤجر جمعاً بين الأدلة والله أعلم . وقوله تعالى : { وَمَن يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ نُّذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ } قال بعض المفسرين : الباء هٰهنا زائدة ، كقوله : { تَنبُتُ بِٱلدُّهْنِ } [ المؤمنون : 20 ] أي تنبت الدهن ، وكذا قوله : { وَمَن يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ } تقديره إلحاداً . والأجود أنه ضمن الفعل هٰهنا معنى يهم ، ولهذا عداه بالباء فقال : { وَمَن يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ } أي يهم فيه بأمر فظيع من المعاصي الكبار ، وقوله : { بِظُلْمٍ } أي عامداً قاصداً أنه ظلم ليس بمتأول ، وقال ابن عباس : بظلم بشرك ، وقال مجاهد : أن يعبد فيه غير الله ، وكذا قال قتادة وغير واحد . وقال العوفي عن ابن عباس : بظلم هو أن تستحل من الحرم ما حرم الله عليك من إساءة أو قتل فتظلم من لا يظلمك وتقتل من لا يقتلك ، فإذا فعل ذلك فقد وجب له العذاب الأليم . وقال مجاهد : بظلم يعمل فيه عملاً سيئاً ، وهذا من خصوصية الحرم أنه يعاقب البادي فيه الشر إذا كان عازماً عليه وإن لم يوقعه ، كما قال ابن مسعود : لو أن رجلاً أراد فيه بإلحاد بظلم وهو بعدن أبين لأذاقه الله من العذاب الأليم . وقال الثوري عن عبد الله بن مسعود قال : ما من رجل يهم بسيئة فتكتب عليه ولو أن رجلاً بعدن أبين هم أن يقتل رجلاً بهذا البيت لأذاقه الله من العذاب الأليم ؛ وقال سعيد بن جبير : شتم الخادم ظلم فما فوقه ؛ وقال ابن عباس في قول الله : { وَمَن يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ } قال : نزلت في عبد الله بن أنيس ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعثه مع رجلين أحدهما مهاجر والآخر من الأنصار ، فافتخروا في الأنساب ، فغضب عبد الله بن أنيس فقتل الأنصاري ، ثم ارتد عن الإسلام ، ثم هرب إلى مكة ، فنزلت فيه : { وَمَن يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ } يعني من لجأ إلى الحرم بإلحاد يعني بميل عن الإسلام . وهذه الآثار وإن دلت على أن هذه الأشياء من الإلحاد ، ولكن هو أعم من ذلك ، بل فيها تنبيه على ما هو أغلظ منها ؛ ولهذا لما هم أصحاب الفيل على تخريب البيت أرسل الله عليهم { طَيْراً أَبَابِيلَ * تَرْمِيهِم بِحِجَارَةٍ مِّن سِجِّيلٍ * فَجَعَلَهُمْ كَعَصْفٍ مَّأْكُولٍ } [ الفيل : 3 - 5 ] أي دمرهم وجعلهم عبرة ونكالاً لكل من أراده بسوء ، ولذلك ثبت في الحديث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم : " يغزو هذا البيت جيش حتى إذا كانوا ببيداء من الأرض خسف بأولهم وآخرهم " وعن سعيد بن عمرو قال : أتى عبد الله بن عمر عبدَ الله بن الزبير وهو جالس في الحجر فقال : يا ابن الزبير إياك والإلحاد في الحرم ، فإني أشهد لسمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم : " يحلها ويحل به رجل من قريش لو وزنت ذنوبه بذنوب الثقلين لوزنتها " قال : فانظر لا تكن هو .