Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 23, Ayat: 62-67)

Tafsir: Muḫtaṣar tafsīr Ibn Kaṯīr

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

يقول تعالى مخبراً عن عدله في شرعه على عباده في الدنيا ، أنه لا يكلف نفساً إلا وسعها : أي إلا ما تطيق حمله والقيام به ، وأنه يوم القيامة يحاسبهم بأعمالهم ، التي كتبها عليهم في كتاب مسطور لا يضيع منه شيء ، ولهذا قال : { وَلَدَيْنَا كِتَابٌ يَنطِقُ بِٱلْحَقِّ } يعني كتاب الأعمال ، { وَهُمْ لاَ يُظْلَمُونَ } أي لا يبخسون من الخير شيئاً ، وأما السيئات فيعفو ويصفح عن كثير منها لعباده المؤمنين ، ثم قال منكراً على الكفار والمشركين من قريش : { بَلْ قُلُوبُهُمْ فِي غَمْرَةٍ } أي في غفلة وضلالة من هذا ، أي القرآن الذي أنزل على رسوله صلى الله عليه وسلم ، وقوله : { وَلَهُمْ أَعْمَالٌ مِّن دُونِ ذٰلِكَ هُمْ لَهَا عَامِلُونَ } ، قال ابن عباس : { وَلَهُمْ أَعْمَالٌ } أي سيئة من دون ذلك يعني الشرك { هُمْ لَهَا عَامِلُونَ } ، قال : لا بد أن يعملوها ، وقال آخرون { وَلَهُمْ أَعْمَالٌ مِّن دُونِ ذٰلِكَ هُمْ لَهَا عَامِلُونَ } : أي قد كتبت عليهم أعمال سيئة لا بد أن يعملوها قبل موتهم لا محالة لتحق عليهم كلمة العذاب ؛ وهو ظاهر قوي حسن ، وقد قدمنا في حديث ابن مسعود : " فوالذي لا إلٰه غيره إن الرجل ليعمل بعمل أهل الجنة حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراع فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل النار فيدخلها " ، وقوله : { حَتَّىٰ إِذَآ أَخَذْنَا مُتْرَفِيهِمْ بِٱلْعَذَابِ إِذَا هُمْ يَجْأَرُونَ } يعني حتى إذا جاء مترفيهم - وهم المنعمون في الدنيا - عذابُ الله وبأسُه ونقمتُه بهم { إِذَا هُمْ يَجْأَرُونَ } أي يصرخون ويستغيثون ، كما قال تعالى : { وَذَرْنِي وَٱلْمُكَذِّبِينَ أُوْلِي ٱلنَّعْمَةِ وَمَهِّلْهُمْ قَلِيلاً } [ المزمل : 11 ] ، وقال تعالى : { كَمْ أَهْلَكْنَا مِن قَبْلِهِم مِّن قَرْنٍ فَنَادَواْ وَّلاَتَ حِينَ مَنَاصٍ } [ ص : 3 ] ، وقوله : { لاَ تَجْأَرُواْ ٱلْيَوْمَ إِنَّكُمْ مِّنَّا لاَ تُنصَرُونَ } أي لا يجيركم أحد مما حل بكم سواء جأرتم أو سكتم لا محيد ولا مناص ولا وزر ، لزم الأمر ووجب العذاب ، ثم ذكر أكبر ذنوبهم فقال : { قَدْ كَانَتْ آيَاتِي تُتْلَىٰ عَلَيْكُمْ فَكُنتُمْ عَلَىٰ أَعْقَابِكُمْ تَنكِصُونَ } : أي إذا دعيتم أبيتم وإن طلبتم امتنعتم ، { ذَلِكُم بِأَنَّهُ إِذَا دُعِيَ ٱللَّهُ وَحْدَهُ كَـفَرْتُمْ وَإِن يُشْرَكْ بِهِ تُؤْمِنُواْ فَٱلْحُكْمُ للَّهِ ٱلْعَلِـيِّ ٱلْكَبِيرِ } [ غافر : 12 ] ، وقوله : { مُسْتَكْبِرِينَ بِهِ سَامِراً تَهْجُرُونَ } الضمير للقرآن كانوا يسمرون ويذكرون القرآن بالهجر من الكلام : إنه سحر ، إنه شعر ، إنه كهانة إلى غير ذلك من الأقوال الباطلة . وقيل إنه محمد صلى الله عليه وسلم ، كانوا يذكرونه في سمرهم بالأقوال الفاسدة ويضربون له الأمثال الباطلة ، من أنه شاعر ، أو كاهن ، أو ساحر ، أو كذاب ، أو مجنون . وقيل المراد بقوله { مُسْتَكْبِرِينَ بِهِ } أي بالبيت يفتخرون به ويعتقدون أنهم أولياؤه وليسوا به ، كما قال ابن عباس : إنما كره السمر حين نزلت هذه الآية { مُسْتَكْبِرِينَ بِهِ سَامِراً تَهْجُرُونَ } فقال : مستكبرين بالبيت ، يقولون : نحن أهله { سَامِراً } قال : كانوا يتكبرون ويسمرون فيه ولا يعمرونه ويهجرونه .