Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 24, Ayat: 30-30)

Tafsir: Muḫtaṣar tafsīr Ibn Kaṯīr

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

هذا أمر من الله تعالى لعباده المؤمنين ، أن يغضوا من أبصارهم عما حرم عليهم ، فلا ينظروا إلاّ لما أباح لهم النظر إليه ، وأن يغمضوا أبصارهم عن المحارم ، فإن اتفق أن وقع البصر على محرم من غير قصد فليصرف بصره عنه سريعاً ، كما روي عن جرير بن عبد الله البجلي رضي الله عنه قال : " سألت النبي صلى الله عليه وسلم عن نظرة الفجأة فأمرني أن أصرف بصري . وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لعلي : " لا يا علي لا تتبع النظرة النظرة ، فإن لك الأولى وليس لك الآخرة " " وفي الصحيح عن أبي سعيد قال ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " " إياكم والجلوس على الطرقات " قالوا : يا رسول الله لا بد لنا من مجالسنا نتحدث فيها ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إن أبيتم فأعطو الطريق حقه " قالوا : وما حق الطريق يا رسول الله ؟ قال : " غض البصر ، وكف الأذى ، ورد السلام ، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر " " ، ولما كان النظر داعية إلى فساد القلب ، لذلك أمر الله بحفظ الفروج ، كما مر بحفظ الأبصار التي هي بواعث إلى ذلك ، فقال تعالى : { قُلْ لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّواْ مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُواْ فُرُوجَهُمْ } وحفظ الفرج تارة يكون بمنعه من الزنا كما قال تعالى : { وَٱلَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ } [ المؤمنون : 5 ] الآية ، وتارة يكون بحفظه من النظر إليه كما جاء في الحديث : " احفظ عورتك إلاّ من زوجتك أو ما ملكت يمينك " { ذٰلِكَ أَزْكَىٰ لَهُمْ } أي أطهر لقلوبهم وأنقى لدينهم ، كما قيل : من حفظ بصره أورثه الله نوراً في بصيرته ، وروى الإمام أحمد عن أبي أمامة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " ما من مسلم ينظر إلى محاسن امرأة ثم يغض بصره إلاّ أخلف الله له عبادة يجد حلاوتها " وعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إن النظر سهم من سهام إبليس مسموم من تركه مخافتي أبدلته إيماناً يجد حلاوته في قلبه " وقوله تعالى : { إِنَّ ٱللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ } ، كما قال تعالى : { يَعْلَمُ خَآئِنَةَ ٱلأَعْيُنِ وَمَا تُخْفِي ٱلصُّدُورُ } [ غافر : 19 ] . وفي " الصحيح " عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه قال ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " كتب على ابن آدم حظه من الزنا أدرك ذلك لا محالة ، فزنا العينين النظر ، وزنا اللسان النطق ، وزنا الأذنين الاستماع ، وزنا اليدين البطش ، وزنا الرجلين الخطى ، والنفس تمنّى وتشتهي ، والفرج يصدق ذلك أو يكذبه " ، وقد قال كثير من السلف : إنهم كانوا ينهون أن يحدّ الرجل نظره إلى الأمرد ، وقد شدّد كثير من أئمة الصوفية في ذلك ، وحرمه طائفة من أهل العلم ، لما فيه من الافتتان ، وشدد آخرون في ذلك كثيراً جداً . وفي الحديث : " كل عين باكية يوم القيامة إلاّ عيناً غضت عن محارم الله ، وعيناً سهرت في سبيل الله ، وعيناً يخرج منها مثل رأس الذباب من خشية الله " عزَّ وجلَّ .