Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 25, Ayat: 4-6)
Tafsir: Muḫtaṣar tafsīr Ibn Kaṯīr
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
يقول تعالى مخبراً عن سخافة عقول الجهلة من الكفار في قولهم عن القرآن { إِنْ هَـٰذَا إِلاَّ إِفْكٌ } أي كذب { ٱفْتَرَاهُ } يعنون النبي صلى الله عليه وسلم { وَأَعَانَهُ عَلَيْهِ قَوْمٌ آخَرُونَ } أي واستعان على جمعه بقوم آخرين ، فقال الله تعالى : { فَقَدْ جَآءُوا ظُلْماً وَزُوراً } أي فقد افتروا هم قولاً باطلاً وهم يعلمون أنه باطل ، ويعرفون كذب أنفسهم فيما زعموه ، { وَقَالُوۤاْ أَسَاطِيرُ ٱلأَوَّلِينَ ٱكْتَتَبَهَا } يعنون كتب الأوائل أي استنسخها { فَهِيَ تُمْلَىٰ عَلَيْهِ } أي تقرأ عليه { بُكْرَةً وَأَصِيلاً } أي أول النهار وآخره ، وهذا الكلام لسخافته وكذبه كل أحد يعلم بطلانه ، فإنه قد علم بالتواتر أن محمداً صلى الله عليه وسلم لم يكن يعاني شيئاً من الكتابة ، لا في أول عمره ولا في آخره ، وقد نشأ بين أظهرهم من أول مولده إلى أن بعثه الله نحواً من أربعين سنة ، وهم يعرفون مدخله ، ومخرجه ، وصدقه ونزاهته وبره وأمانته ، حتى إنهم كانوا يسمونه في صغره ، وإلى أن بعث : ( الأمين ) لما يعلمون من صدقه وبره ، فلما أكرمه الله بما أكرمه به ، نصبوا له العداوة ، ورموه بهذه الأقوال التي يعلم كل عاقل براءته منها ، وحاروا فيما يقذفونه به ، فتارة من إفكهم يقولون ساحر ، وتارة يقولون شاعر ، وتارة يقولون مجنون ، وتارة يقولون كذاب ، وقال الله تعالى : { ٱنْظُرْ كَيْفَ ضَرَبُواْ لَكَ ٱلأَمْثَالَ فَضَلُّواْ فَلاَ يَسْتَطِيعْونَ سَبِيلاً } [ الإسراء : 48 ] . وقال تعالى في جواب ما عاندوا هٰهنا وافتروا : { قُلْ أَنزَلَهُ ٱلَّذِي يَعْلَمُ ٱلسِّرَّ فِي ٱلسَّمَاوَاتِ وَٱلأَرْضِ } الآية : أي أنزل القرآن المشتمل على أخبار الأولين والآخرين { ٱلَّذِي يَعْلَمُ ٱلسِّرَّ } ، أي الله الذي يعلم غيب السماوات والأرض ، ويعلم السرائر كعلمه بالظواهر ، وقوله تعالى : { إِنَّهُ كَانَ غَفُوراً رَّحِيماً } ، دعاء لهم إلى التوبة والإنابة ، وإخبار لهم بأن رحمته واسعة وأن حمله عظيم ، مع أن من تاب إليه تاب عليه ، فهؤلاء مع كذبهم وافترائهم وفجورهم وبهتانهم ، يدعوهم إلى التوبة والإقلاع عما هم فيه إلى الإسلام والهدى ، كما قال تعالى : { أَفَلاَ يَتُوبُونَ إِلَىٰ ٱللَّهِ وَيَسْتَغْفِرُونَهُ وَٱللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ } [ المائدة : 74 ] ، وقال تعالى : { إِنَّ ٱلَّذِينَ فَتَنُواْ ٱلْمُؤْمِنِينَ وَٱلْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَتُوبُواْ فَلَهُمْ عَذَابُ جَهَنَّمَ وَلَهُمْ عَذَابُ ٱلْحَرِيقِ } [ البروج : 10 ] . قال الحسن البصري : انظروا إلى هذا الكرم والجود ، قتلوا أولياءه وهو يدعوهم إلى التوبة والرحمة .