Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 25, Ayat: 55-60)

Tafsir: Muḫtaṣar tafsīr Ibn Kaṯīr

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

يخبر تعالى عن جهل المشركين في عبادتهم غير الله من الأصنام ، التي لا تملك لهم ضراً ولا نفعاً بلا دليل قادهم إلى ذلك ولا حجة أدتهم إليه بل بمجرد الآراء والأهواء ، فهم يوالونهم ويقاتلون في سبيلهم ويعادون الله ورسوله والمؤمنين فيهم ، ولهذا قال تعالى : { وَكَانَ ٱلْكَافِرُ عَلَىٰ رَبِّهِ ظَهِيراً } أي عوناً في سبيل الشيطان على حزب الله ، وحزب الله هم الغالبون ، قال مجاهد { وَكَانَ ٱلْكَافِرُ عَلَىٰ رَبِّهِ ظَهِيراً } قال : يظاهر الشيطان على معصية الله ويعينه ، وقال سعيد بن جبير : عوناً للشيطان على ربه بالعداوة والشرك ، وقال زيد بن أسلم : موالياً ، ثم قال تعالى لرسوله صلوات الله وسلامه عليه : { وَمَآ أَرْسَلْنَاكَ إِلاَّ مُبَشِّراً وَنَذِيراً } أي بشيراً للمؤمنين ونذيراً للكافرين ، مبشراً بالجنة لمن أطاع الله ، ونذيراً بين يدي عذاب شديد لمن خالف أمر الله ، { قُلْ مَآ أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ } أي على هذا البلاغ وهذا الإنذار من أجرة أطلبها من أموالكم ، وإنما أفعل ذلك ابتغاء وجه الله تعالى ، { إِلاَّ مَن شَآءَ أَن يَتَّخِذَ إِلَىٰ رَبِّهِ سَبِيلاً } أي طريقاً ومسلكاً ومنهجاً يقتدي فيها بما جئت به ، ثم قال تعالى : { وَتَوَكَّلْ عَلَى ٱلْحَيِّ ٱلَّذِي لاَ يَمُوتُ } أي في أمورك كلها ، كن متوكلاً على الله الحي الذي لا يموت أبداً ، الدائم الباقي السرمدي ، الأبدي الحي القيوم ، رب كل شيء ومليكه ، اجعله ذخرك وملجأك ، فإنه كافيك وناصرك ومؤيدك ومظهرك ، كما قال تعالى : { وَٱللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ ٱلنَّاسِ } [ المائدة : 67 ] . وقوله تعالى : { وَسَبِّحْ بِحَمْدِهِ } أي أقرن بين حمده وتسبيحه ، ولهذا كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " سبحانك اللهم ربنا وبحمدك " ، أي أخلص له العبادة والتوكل ، كما قال تعالى : { رَّبُّ ٱلْمَشْرِقِ وَٱلْمَغْرِبِ لاَ إِلَـٰهَ إِلاَّ هُوَ فَٱتَّخِذْهُ وَكِيلاً } [ المزمل : 9 ] ، وقال تعالى : { فَٱعْبُدْهُ وَتَوَكَّلْ عَلَيْهِ } [ هود : 123 ] ، وقال تعالى : { قُلْ هُوَ ٱلرَّحْمَـٰنُ آمَنَّا بِهِ وَعَلَيْهِ تَوَكَّلْنَا } [ الملك : 29 ] وقوله تعالى : { وَكَفَىٰ بِهِ بِذُنُوبِ عِبَادِهِ خَبِيراً } أي بعلمه التام لا يخفى عليه خافية ولا يعزب عنه مثقال ذرة ، وقوله تعالى : { ٱلَّذِي خَلَقَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضَ } الآية ، أي هو خالق كل شيء وربه ومليكه ، الذي خلق بقدرته وسلطانه السماوات السبع في ارتفاعها واتساعها ، والأرضين السبع في سفولها وكثافتها { فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ ٱسْتَوَىٰ عَلَى ٱلْعَرْشِ } ، يدبر الأمر ويقضي الحق وهو خير الفاصلين ، وقوله : { فَسْئَلْ بِهِ خَبِيراً } أي استعلم عنه من هو خبير به عالم به ، فاتبعه واقتد به ، وقد علم أنه لا أحد أعلم بالله ولا أخبر به ، من عبده ورسوله محمد صلوات الله وسلامه عليه سيد ولد آدم على الإطلاق ، الذي لا ينطق عن الهوى ، إن هو إلاّ وحي يوحى ، فما قاله فهو الحق ، وما أخبره به فهو الصدق ، ولهذا قال تعالى : { فَسْئَلْ بِهِ خَبِيراً } ، قال مجاهد : ما أخبرتك من شيء فهو كما أخبرتك ، وقال شمر بن عطية : هذا القرآن خبير به ، ثم قال تعالى منكراً على المشركين الذين يسجدون لغير الله من الأصنام والأنداد : { وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ ٱسْجُدُواْ لِلرَّحْمَـٰنِ قَالُواْ وَمَا ٱلرَّحْمَـٰنُ } ؟ أي لا نعرف الرحمٰن ، وكانوا ينكرون أن يسمى الله باسمه الرحمٰن ، كما أنكروا ذلك يوم الحديبية حين قال النبي صلى الله عليه وسلم للكاتب : " اكتب بسم الله الرحمٰن الرحيم " ، فقالوا : لا نعرف الرحمٰن ولا الرحيم ، ولكن اكتب كما كنت تكتب : باسمك اللهم ؛ ولهذا أنزل الله تعالى : { قُلِ ٱدْعُواْ ٱللَّهَ أَوِ ٱدْعُواْ ٱلرَّحْمَـٰنَ أَيّاً مَّا تَدْعُواْ فَلَهُ ٱلأَسْمَآءَ ٱلْحُسْنَىٰ } [ الإسراء : 110 ] أي هو الله وهو الرحمٰن ، وقال في هذه الآية : { وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ ٱسْجُدُواْ لِلرَّحْمَـٰنِ } أي لا نعرفه ولا نقرُّ به ، { أَنَسْجُدُ لِمَا تَأْمُرُنَا } ؟ أي لمجرد قولك ، { وَزَادَهُمْ نُفُوراً } فأما المؤمنون فإنهم يعبدون الله الذي هو الرحمٰن الرحيم ويفردونه بالإلهية ويسجدون له .