Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 25, Ayat: 68-71)

Tafsir: Muḫtaṣar tafsīr Ibn Kaṯīr

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

عن عبد الله بن مسعود قال : " سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم أي الذنب أكبر ؟ قال : " أن تجعل لله أنداداً وهو خلقك " ، قال : ثم أي ؟ قال : " أن تقتل ولدك خشية أن يطعم معك " ، قال : ثم أي ؟ قال : " أن تزاني حليلة جارك " ، قال عبد الله : وأنزل الله تصديق ذلك { وَٱلَّذِينَ لاَ يَدْعُونَ مَعَ ٱللَّهِ إِلَـٰهًا آخَرَ } الآية وعن سلمة بن قيس قال ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع : " ألا إنما هي أربع " فما أنا بأشح عليهن منذ سمعتهن من رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لا تشركوا بالله شيئاً ، ولا تقتلوا النفس التي حرم الله إلاّ بالحق ، ولا تزنوا ، ولا تسرقوا " " وروى الإمام أحمد عن المقداد بن الأسود رضي الله عنه قال ، " قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأصحابه : " ما تقولون في الزنا ؟ " قالوا : حرمه الله ورسوله فهو حرام إلى يوم القيامة ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأصحابه : " لأن يزني الرجل بعشر نسوة أيسر عليه من أن يزني بامرأة جاره " قال : " فما تقولون في السرقة ؟ " قالوا : حرمها الله ورسوله فهي حرام ، قال : " لأن يسرق الرجل من عشرة أبيات أيسر عليه من أن يسرق من بيت جاره " وعن الهيثم بن مالك الطائي عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " ما من ذنب بعد الشرك أعظم عند الله من نطفة وضعها رجل في رحم لا يحل له " ، وقال ابن عباس : إن ناساً من أهل الشرك قتلوا فأكثروا ، وزنوا فأكثروا ثم أتوا محمداً صلى الله عليه وسلم فقالوا : إن الذي تقول وتدعو إليه لحسن ، لو تخبرنا أن لما عملنا كفارة ، فنزلت : { وَٱلَّذِينَ لاَ يَدْعُونَ مَعَ ٱللَّهِ إِلَـٰهًا آخَرَ } الآية ، ونزلت : { قُلْ يٰعِبَادِيَ ٱلَّذِينَ أَسْرَفُواْ عَلَىٰ أَنفُسِهِمْ } [ الزمر : 53 ] الآية . وقوله تعالى : { وَمَن يَفْعَلْ ذٰلِكَ يَلْقَ أَثَاماً } ، روي عن عبد الله بن عمرو أنه قال : أثاماً : واد في جهنم ، وقال عكرمة { يَلْقَ أَثَاماً } أودية في جهنم يعذب فيها الزناة ، وقال قتادة { يَلْقَ أَثَاماً } : نكالاً . كنا نحدث أنه واد في جهنم ، وقال السدي { يَلْقَ أَثَاماً } جزاء ، وهذا أشبه بظاهر الآية وبهذا فسره بما بعده مبدلاً منه ، وهو قوله تعالى : { يُضَاعَفْ لَهُ ٱلْعَذَابُ يَوْمَ ٱلْقِيامَةِ } أي يقرر عليه ويغلظ { وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَاناً } أي حقيراً ذليلاً ، وقوله تعالى : { إِلاَّ مَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلاً صَالِحاً } أي جزاؤه على ما فعل من هذه الصفات القبيحة ما ذكر { إِلاَّ مَن تَابَ } أي في الدنيا إلى الله عزَّ وجلَّ من جميع ذلك فإن الله يتوب عليه ، وفي ذلك دلالة على صحة توبة القاتل ، ولا تعارض بين هذه وبين آية النساء { وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُّتَعَمِّداً } [ النساء : 93 ] الآية ، فإن هذه وإن كانت مدنية ، إلاّ أنها مطلقة ، فتحمل على من لم يتب . وقوله تعالى : { فَأُوْلَـٰئِكَ يُبَدِّلُ ٱللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ ٱللَّهُ غَفُوراً رَّحِيماً } . في معنى قوله : { يُبَدِّلُ ٱللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ } قولان : أحدهما أنهم بدلوا مكان عمل السيئات بعمل الحسنات ، قال ابن عباس : هم المؤمنون كانوا من قبل إيمانهم على السيئات فرغب الله بهم عن السيئات فحولهم إلى الحسنات فأبدلهم مكان السيئات الحسنات . وقال سعيد بن جبير : أبدلهم الله بعبادة الأوثان عبادة الرحمٰن ، وأبدلهم بقتال المسلمين قتال المشركين ، وأبدلهم بنكاح المشركات نكاح المؤمنات ، وقال الحسن البصري : أبدلهم الله بالعمل السيء العمل الصالح ، وأبدلهم بالشرك إخلاصاً ، وأبدلهم بالفجور إحصاناً ، وبالكفر إسلاماً ، ( والقول الثاني ) : أن تلك السيئات الماضية تنقلب بنفس التوبة النصوح حسنات ، كما ثبتت السنة بذلك وصحت به الآثار المروية عن السلف رضي الله عنهم . فعن أبي ذر رضي الله عنه قال ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إني لأعرف آخر أهل النار خروجاً من النار ، وآخر أهل الجنة دخولاً إلى الجنة ، يؤتى برجل فيقول : نحوّا عنه كبار ذنوبه وسلوه عن صغارها ، قال فيقال له : عملت يوم كذا ، كذا وكذا ، وعملت يوم كذا ، كذا وكذا ، فيقول : نعم ، لا يستطيع أن ينكر من ذلك شيئاً ، فيقال : فإن لك بكل سيئة حسنة ، فيقول : يا رب عملت أشياء لا أراها هٰهنا قال : فضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى بدت نواجذه " وعن أبي هريرة قال : ليأتين الله عزَّ وجلَّ بأناس يوم القيامة رأوا أنهم قد استكثروا من السيئات ، قيل : من هم يا أبا هريرة ؟ قال : الذين يبدل الله سيئاتهم حسنات ، وقال علي بن الحسين زين العابدين { يُبَدِّلُ ٱللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ } قال : في الآخرة . وقال مكحول : يغفرها لهم فيجعلها حسنات ، قال ابن أبي حاتم حدثنا أبو جابر أنه سمع مكحولاً يحدث قال : " جاء شيخ كبير هرم قد سقط حاجباه على عينيه فقال : يا رسول الله رجل غدر وفجر ولم يدع حاجة ولا داجة إلاّ اقتطفها بيمينه ، لو قسمت خطيئته بين أهل الأرض لأوبقتهم فهل له من توبة ؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم : " أأسلمت ؟ " قال : أما أنا فأشهد أن لا إله إلاّ الله وحده لا شريك له وأن محمداً عبده ورسوله فقال النبي صلى الله عليه وسلم : " فإن الله غافر لك ما كنت كذلك ومبدل سيئاتك حسنات " ، فقال : يا رسول الله وغدراتي وفجراتي ؟ فقال : " وغدراتك وفجراتك " ، فولى الرجل يكبر ويهلل " ثم قال تعالى مخبراً عن عموم رحمته بعباده وأنه من تاب إليه منهم عليه من أي ذنب كان جليلاً أو حقيراً كبيراً أو صغيراً ، فقال تعالى : { وَمَن تَابَ وَعَمِلَ صَالِحاً فَإِنَّهُ يَتُوبُ إِلَى ٱللَّهِ مَتاباً } أي فإن الله يقبل توبته ، كما قال تعالى : { أَلَمْ يَعْلَمُوۤاْ أَنَّ ٱللَّهَ هُوَ يَقْبَلُ ٱلتَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ } [ التوبة : 104 ] الآية ، وقال تعالى : { قُلْ يٰعِبَادِيَ ٱلَّذِينَ أَسْرَفُواْ عَلَىٰ أَنفُسِهِمْ لاَ تَقْنَطُواْ مِن رَّحْمَةِ ٱللَّهِ } [ الزمر : 53 ] الآية : أي لمن تاب إليه .