Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 25, Ayat: 72-74)
Tafsir: Muḫtaṣar tafsīr Ibn Kaṯīr
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
وهذه أيضاً من صفات عباد الرحمٰن أنهم لا يشهدون الزور ، قيل : هو الشرك وعبادة الأصنام ، وقيل : الكذب والفسق واللغو والباطل ، وقال محمد بن الحنفية : هو اللغو والغناء ، وقال عمرو بن قيس : هي المجالس السوء والخنا ، وقيل : المراد بقوله تعالى : { لاَ يَشْهَدُونَ الزُّورَ } أي شهادة الزور ، وهي الكذب متعمداً على غيره كما في " الصحيحين " : " " ألا أنبئكم بأكبر الكبائر " ؟ ثلاثاً قلنا : بلى يا رسول الله قال : " الشرك بالله عقوق الوالدين " . وكان متكئاً فجلس ، فقال : " ألا وقول الزور ألا وشهادة الزور " فما زال يكررها حتى قلنا ليته سكت " ، والأظهر من السياق أن المراد لا يشهدون الزور أي لا يحضرونه ، ولهذا قال تعالى : { وَإِذَا مَرُّواْ بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِراماً } ، أي لا يحضرون الزور وإذا اتفق مرورهم به مروا ولم يتدنسوا منه بشيء ولهذا قال : { مَرُّوا كِراماً } وروى ابن أبي حاتم عن ميسرة قال : بلغني أن بلغني أن ابن مسعود مر بلهو معرضاً فلم يقف فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لقد أصبح ابن مسعود وأمسى كريماً " ثم تلا إبراهيم بن ميسرة : { وَإِذَا مَرُّواْ بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِراماً } وقوله تعالى : { وَالَّذِينَ إِذَا ذُكِّرُواْ بِآيَاتِ رَبِّهِمْ لَمْ يَخِرُّواْ عَلَيْهَا صُمّاً وَعُمْيَاناً } وهذه أيضاً من صفات المؤمنين { ٱلَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ ٱللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَاناً وَعَلَىٰ رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ } [ الأنفال : 2 ] بخلاف الكافر ، فإنه إذا سمع كلام الله لا يؤثر فيه ، ولا يتغير عما كان عليه ، بل يبقى مستمراً على كفره وطغيانه ، وجهله وضلاله ، كما قال تعالى : { وَأَمَّا ٱلَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ فَزَادَتْهُمْ رِجْساً إِلَىٰ رِجْسِهِمْ } [ التوبة : 125 ] ، فقوله : { لَمْ يَخِرُّواْ عَلَيْهَا صُمّاً وَعُمْيَاناً } أي بخلاف الكافر الذي إذا سمع آيات الله فلا تؤثر فيه فيستمر على حاله كأن لم يسمعها أصم أعمى ، قال مجاهد قوله : { لَمْ يَخِرُّواْ عَلَيْهَا صُمّاً وَعُمْيَاناً } قال : لم يسمعوا ولم يبصروا ولم يفقهوا شيئاً ، وقال الحسن البصري : كم من رجل يقرؤها ويخر عليها أصم وأعمى ، وقال قتادة : لم يصموا عن الحق ولم يعموا فيه ، فهم والله قوم عقلوا عن الحق وانتفعوا بما سمعوا من كتابه . وقوله تعالى : { وَٱلَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ } يعني الذين يسألون الله أن يخرج من أصلابهم من ذرياتهم من يطيعه ويعبده وحده لا شريك له ، قال ابن عباس : يعنون من يعمل بطاعة الله فتقر به أعينهم في الدنيا والآخرة ، قال عكرمة : لم يريدوا بذلك صباحة ولا جمالاً ، ولكن أرادوا أن يكونوا مطيعين . وسئل الحسن البصري عن هذه الآية فقال : أن يرى الله العبد المسلم من زوجته ومن أخيه ومن حميمه طاعة الله ، لا والله لا شيء أقر لعين المسلم من أن يرى ولداً ، أو ولد ولد ، أو أخاً ، أو حميماً مطيعاً لله عزَّ وجلَّ . وقال ابن أسلم : يعني يسألون الله تعالى لأزواجهم وذرياتهم أن يهديهم للإسلام . وقوله تعالى : { وَٱجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَاماً } قال ابن عباس والحسن والسدي : أئمة يقتدى بنا في الخير ، وقال غيرهم : هداة مهتدين دعاة إلى الخير ، ولهذا ثبت في " صحيح مسلم " عن أبي هريرة رضي الله عنه قال ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث : ولد صالح يدعو له ، أو علم ينتفع به من بعده ، أو صدقة جارية " .