Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 26, Ayat: 23-28)

Tafsir: Muḫtaṣar tafsīr Ibn Kaṯīr

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

يقول تعالى مخبراً عن كفر فرعون وتمرده وطغيانه وجحوده في قوله : { وَمَا رَبُّ ٱلْعَالَمِينَ } ، وذلك أنه كان يقول لقومه : { مَا عَلِمْتُ لَكُمْ مِّنْ إِلَـٰهٍ غَيْرِي } [ القصص : 38 ] { فَٱسْتَخَفَّ قَوْمَهُ فَأَطَاعُوهُ } [ الزخرف : 54 ] وكانوا يجحدون الصانع جلَّ وعلا ، ويعتقدون أنه لا رب لهم سوى فرعون ، فلما قال له موسى : إني رسول رب العالمين ، قال له فرعون : ومن هذا الذي تزعم أنه رب العالمين غيري ؟ هكذا فسره علماء السلف وأئمة الخلف ، حتى قال السدي : هذه الآية كقوله تعالى : { قَالَ فَمَن رَّبُّكُمَا يٰمُوسَىٰ } [ طه : 49 ] فعند ذلك قال موسى لما سأله عن رب العالمين : { قَالَ رَبُّ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَآ } أي خالق جميع ذلك ومالكه ، والمتصرف فيه ، وإلهه لا شريك له ، هو الذي خلق الأشياء كلها من بحار وقفار ، وجبال وأشجار ، ونبات وثمار ، وما بين ذلك من الهواء والطير ، وما يحتوي عليه الجو ، الجميع عبيد له خاضعون ذليلون { إِن كُنتُمْ مُّوقِنِينَ } أي إن كانت لكم قلوب موقنة وأبصار نافذة ، فعند ذلك التفت فرعون إلى من حوله من ملئه ، ورؤساء دولته قائلاً على سبيل التهكم والاستهزاء والتكذيب لموسى فيما قاله : { أَلاَ تَسْتَمِعُونَ } ؟ أي ألا تعجبون من هذا في زعمه أن لكم إلهاً غيري ؟ فقال لهم موسى : { رَبُّكُمْ وَرَبُّ آبَآئِكُمُ ٱلأَوَّلِينَ } أي خالقكم وخالق آبائكم الأولين الذين كانوا قبل فرعون وزمانه ، { قَالَ } أي فرعون لقومه { إِنَّ رَسُولَكُمُ ٱلَّذِيۤ أُرْسِلَ إِلَيْكُمْ لَمَجْنُونٌ } أي ليس له عقل في دعواه أنَّ ثمّ رباً غيري ، { قَالَ } أي موسى لأولئك الذين أوعز إليهم فرعون ما أوعز من الشبهة ، فأجاب موسى بقوله : { رَبُّ ٱلْمَشْرِقِ وَٱلْمَغْرِبِ وَمَا بَيْنَهُمَآ إِن كُنتُمْ تَعْقِلُونَ } أي هو الذي جعل المشرق مشرقاً تطلع منه الكواكب ، والمغرب مغرباً تغرب فيه ، الكواكب ، فإن كان هذا الذي يزعم أنه ربكم وإلهكم صادقاً فليعكس الأمر ، وليجعل المشرق مغرباً والمغرب مشرقاً ، كما قال تعالى : { قَالَ إِبْرَاهِيمُ فَإِنَّ ٱللَّهَ يَأْتِي بِٱلشَّمْسِ مِنَ ٱلْمَشْرِقِ فَأْتِ بِهَا مِنَ ٱلْمَغْرِبِ } [ البقرة : 258 ] الآية ، ولهذا لما غلب فرعون وانقطعت حجته عدل إلى استعمال جاهه وقوته وسلطانه ، واعتقد أن ذلك نافع له ونافذ في موسى عليه السلام ، فقال ما أخبر الله تعالى عنه : { قَالَ لَئِنِ ٱتَّخَذْتَ إِلَـٰهَاً غَيْرِي لأَجْعَلَنَّكَ مِنَ ٱلْمَسْجُونِينَ … } .