Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 26, Ayat: 60-68)
Tafsir: Muḫtaṣar tafsīr Ibn Kaṯīr
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
ذكر غير واحد من المفسرين : أن فرعون خرج في محفل عظيم وجمع كبير ، من الأمراء والوزراء والكبراء والرؤساء والجنود ، { فَأَتْبَعُوهُم مُّشْرِقِينَ } أي وصلوا إليهم عند شروق الشمس وهو طلوعها ، { فَلَمَّا تَرَاءَى ٱلْجَمْعَانِ } أي رأى كل من الفريقين صاحبه فعند ذلك { قَالَ أَصْحَابُ مُوسَىٰ إِنَّا لَمُدْرَكُونَ } ، وذلك أنهم انتهى بهم السير إلى سيف البحر ، وهو بحر القلزم فصار أمامهم البحر ، وقد أدركهم فرعون بجنوده ، فلهذا قالوا : { إِنَّا لَمُدْرَكُونَ * قَالَ كَلاَّ إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ } أي لا يصل إليكم شيء مما تحذرون ، فإن الله سبحانه هو الذي أمرني أن أسير هٰهنا بكم ، وهو سبحانه وتعالى لا يخالف الميعاد ، وكان هارون عليه السلام في المقدمة ، ومعه ( يوشع بن نون ) ومؤمن آل فرعون ، وموسى عليه السلام في الساقة ، فعند ذلك أمر الله نبيه موسى عليه السلام أن يضرب بعصاه البحر فضربه ، وقال : انفلق بإذن الله . وروى ابن أبي حاتم عن عبد الله بن سلام : أن موسى عليه السلام لما انتهى إلى البحر قال : يا من كان قبل كل شيء ، والمكون لكل شيء ، والكائن بعد كل شيء ، اجعل لنا مخرجاً ، فأوحى الله إليه : { أَنِ ٱضْرِب بِّعَصَاكَ ٱلْبَحْرَ } . وقال محمد بن إسحاق : أوحى الله - فيما ذكر لي - إلى البحر أن إذا ضربك موسى بعصاه فانفلق له ، قال : فبات البحر يضطرب ويضرب بعضه بعضاً فرقاً من الله تعالى وانتظاراً لما أمره الله ، وأوحى الله إلى موسى { أَنِ ٱضْرِب بِّعَصَاكَ ٱلْبَحْرَ } فضربه بها ، ففيها سلطان الله الذي أعطاه فانفلق ، قال الله تعالى : { فَٱنفَلَقَ فَكَانَ كُلُّ فِرْقٍ كَٱلطَّوْدِ ٱلْعَظِيمِ } أي كالجبل الكبير ، قاله ابن عباس ، وقال عطاء الخراساني : هو الفج بين الجبلين . وقال ابن عباس : صار البحر اثني عشر طريقاً لكل سبط طريق ؛ وزاد السدي : وصار فيه طاقات ينظر بعضهم إلى بعض ، وقام الماء على حيله كالحيطان ، وبعث الله الريح إلى قعر البحر فلفحته فصار يبساً كوجه الأرض ، قال الله تعالى : { فَٱضْرِبْ لَهُمْ طَرِيقاً فِي ٱلْبَحْرِ يَبَساً لاَّ تَخَافُ دَرَكاً وَلاَ تَخْشَىٰ } [ طه : 77 ] ، وقال في هذه القصة { وَأَزْلَفْنَا ثَمَّ ٱلآخَرِينَ } أي هنالك . قال ابن عباس { وَأَزْلَفْنَا } أي قربنا من البحر فرعون وجنوده وأدنيناهم إليه ، { وَأَنجَيْنَا مُوسَىٰ وَمَن مَّعَهُ أَجْمَعِينَ * ثُمَّ أَغْرَقْنَا ٱلآخَرِينَ } أي أنجينا موسى وبني إسرائيل ومن اتبعهم على دينهم فلم يهلك منهم أحد ، وأغرق فرعون وجنوده فلم يبق منهم رجل إلاّ هلك . عن عبد الله ابن مسعود قال : فلما خرج آخر أصحاب موسى وتكامل أصحاب فرعون انطم عليهم البحر ، فما رئي سواد أكثر من يومئذٍ ، وغرق فرعون لعنه الله ، ثم قال تعالى : { إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً } أي في هذه القصة وما فيها من العجائب والنصر والتأييد لعباد الله المؤمنين لدلالة وحجة قاطعة وحكمة بالغة { وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُم مُّؤْمِنِينَ * وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ ٱلْعَزِيزُ ٱلرَّحِيمُ } تقدم تفسيره .