Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 29, Ayat: 14-15)
Tafsir: Muḫtaṣar tafsīr Ibn Kaṯīr
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
هذه تسلية من الله تعالى لعبده ورسوله صلى الله عليه وسلم ، يخبره عن نوح عليه السلام أنه مكث في قومه هذه المدة ، يدعوهم إلى الله تعالى ليلاً ونهاراً وسراً وجهاراً ، ومع هذا ما زادهم ذلك إلاّ فراراً ، وما آمن معه منهم إلاّ قليل ، ولهذا قال تعالى : { فَلَبِثَ فِيهِمْ أَلْفَ سَنَةٍ إِلاَّ خَمْسِينَ عَاماً فَأَخَذَهُمُ ٱلطُّوفَانُ وَهُمْ ظَالِمُونَ } أي بعد هذه المدة الطويلة ما نجع فيهم البلاغ والإنذار ، فأنت يا محمد لا تأسف على من كفر بكل من قومك ولا تحزن عليهم ، فإن الله يهدي من يشاء ويضل من يشاء ، وبيده الأمر وإليه ترجع الأمور واعلم أن الله سيظهرك وينصرك ويؤيدك ، ويذل عدوك ويكبتهم ويجعلهم أسفل السافلين . عن ابن عباس قال : بعث نوح وهو لأربعين سنة ولبث في قومه ألف سنة إلاّ خمسين عاماً وعاش بعد الطوفان ستين عاماً حتى كثر الناس وفشوا ، وقوله تعالى : { فأَنْجَيْناهُ وأَصْحَابَ ٱلسَّفِينَةِ } أي الذين آمنوا بنوح عليه السلام ، وقد تقدم تفسيره بما أغنى عن إعادته ، وقوله تعالى : { وَجَعَلْنَاهَآ آيَةً لِّلْعَالَمِينَ } أي وجعلنا تلك السفينة باقية ؛ إما عينها - كما قال قتادة - إنها بقيت إلى أول الإسلام على جبل الجودي ، أو نوعها جعله للناس تذكرة لنعمه على الخلق كيف أنجاهم من الطوفان ، كما قال تعالى : { وَآيَةٌ لَّهُمْ أَنَّا حَمَلْنَا ذُرِّيَّتَهُمْ فِي ٱلْفُلْكِ ٱلْمَشْحُونِ } [ يس : 41 ] وقال تعالى : { إِنَّا لَمَّا طَغَا ٱلْمَآءُ حَمَلْنَاكُمْ فِي ٱلْجَارِيَةِ * لِنَجْعَلَهَا لَكُمْ تَذْكِرَةً وَتَعِيَهَآ أُذُنٌ وَاعِيَةٌ } [ الحاقة : 11 - 12 ] ، وقال هٰهنا : { فأَنْجَيْناهُ وأَصْحَابَ ٱلسَّفِينَةِ وَجَعَلْنَاهَآ آيَةً لِّلْعَالَمِينَ } .