Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 29, Ayat: 12-13)
Tafsir: Muḫtaṣar tafsīr Ibn Kaṯīr
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
يقول تعالى مخبراً عن كفار قريش أنهم قالوا لمن آمن منهم واتبع الهدى : ارجعوا عن دينكم إلى ديننا واتبعوا سبيلنا { وَلْنَحْمِلْ خَطَايَاكُمْ } أي آثامكم إن كانت لكم آثام ، كما يقول القائل : افعل هذا وخطيئتك في رقبتي ، قال الله تعالى تكذيباً لهم : { وَمَا هُمْ بِحَامِلِينَ مِنْ خَطَايَاهُمْ مِّن شَيْءٍ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ } أي فيما قالوه إنهم يحتملون عن أولئك خطاياهم . فإنه لا يحمل أحد وزر أحد ، قال الله تعالى : { وَإِن تَدْعُ مُثْقَلَةٌ إِلَىٰ حِمْلِهَا لاَ يُحْمَلْ مِنْهُ شَيْءٌ وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَىٰ } [ فاطر : 18 ] ، وقال تعالى : { وَلاَ يَسْأَلُ حَمِيمٌ حَمِيماً * يُبَصَّرُونَهُمْ } [ المعارج : 10 - 11 ] ، وقوله تعالى : { وَلَيَحْمِلُنَّ أَثْقَالَهُمْ وَأَثْقَالاً مَّعَ أَثْقَالِهِمْ } إخبار عن الدعاة إلى الكفر والضلالة ، أنهم يحملون يوم القيامة أوزار أنفسهم وأوزاراً أخر ، بسبب ما أضلوا من الناس من غير أن ينقص من أوزار أولئك شيئاً ، كما قال تعالى : { لِيَحْمِلُواْ أَوْزَارَهُمْ كَامِلَةً يَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ وَمِنْ أَوْزَارِ ٱلَّذِينَ يُضِلُّونَهُمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ } [ النحل : 25 ] الآية ، وفي الصحيح : " من دعا إلى هدى كان له من الأجر مثل أجور من اتبعه إلى يوم القيامة من غير أن ينقص من أجورهم شيئاً ، ومن دعا إلى ضلالة كان عليه من الإثم مثل آثام من اتبعه إلى يوم القيامة من غير أن ينقص من آثامهم شيئاً " ، وفي الصحيح : " ما قتلت نفس ظلماً إلاّ كان على ابن آدم الأول كفل من دمها لأنه أول من سن القتل " وقوله تعالى : { وَلَيُسْأَلُنَّ يَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ عَمَّا كَانُواْ يَفْتَرُونَ } أي يكذبون ويختلقون من البهتان . وفي الحديث : " إياكم والظلم فإن الله يعزم يوم القيامة فيقول : وعزتي وجلالي لا يجوزني اليوم ظلم ثم ينادي مناد فيقول : أين فلان بن فلان ؟ فيأتي يتبعه من الحسنات أمثال الجبال ، فيشخص الناس أبصارهم ، حتى يقوم بين يدي الرحمن عزَّ وجلَّ ، ثم يأمر المنادي ، فينادي من كانت له تباعة أو ظلامة عند فلان بن فلان فهلم ، فيقبلون حتى يجتمعوا قياماً بين يدي الرحمن ، فيقول الرحمن : اقضوا عن عبدي ، فيقولون : كيف نقضي عنه ؟ فيقول : خذوا لهم من حسناته فلا يزالون يأخذون منها حتى لا يبقى منها حسنة ، وقد بقي من أصحاب الظلامات ، فيقول : اقضوا عن عبدي ، فيقولون : لم يبق له حسنة . فيقول : خذوا من سيئاتهم فاحملوها عليه " ثم نزع صلى الله عليه وسلم بهذه الآية الكريمة : { وَلَيَحْمِلُنَّ أَثْقَالَهُمْ وَأَثْقَالاً مَّعَ أَثْقَالِهِمْ وَلَيُسْأَلُنَّ يَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ عَمَّا كَانُواْ يَفْتَرُونَ } وهذا الحديث له شاهد في الصحيح من غير هذا الوجه : " إن الرجل ليأتي يوم القيامة بحسنات أمثال الجبال ، وقد ظلم هذا وأخذ مال هذا ، وأخذ من عرض هذا ، فيأخذ هذا من حسناته ، وهذا من حسناته ، فإذا لم تبق له حسنة أخذ من سيئاتهم فطرح عليه " .