Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 29, Ayat: 19-23)

Tafsir: Muḫtaṣar tafsīr Ibn Kaṯīr

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

يقول تعالى مخبراً عن الخليل عليه السلام ، أنه أرشدهم إلى إثبات المعاد الذي ينكرونه ، بما يشاهدونه في أنفسهم من خلق الله إياهم بعد أن لم يكونوا شيئاً مذكوراً ، ثم وجدوا وصاروا أناساً سامعين مبصرين ، فالذي بدأ هذا قادر على إعادته ، فإنه سهل عليه يسير لديه ؛ ثم أرشدهم إلى الاعتبار بما في الآفاق من الآيات المشاهدة من خلق الله الأشياء : السماوات وما فيها من الكواكب النيرة ، والأرضين وما فيها من مهاد وجبال ، وأودية وبراري وقفار ، وأشجار وأنهار ، وثمار وبحار ، كل ذلك دال على حدوثها في أنفسها ، وعلى وجود صانعها الفاعل المختار ، الذي يقول للشيء كن فيكون ، ولهذا قال : { أَوَلَمْ يَرَوْاْ كَيْفَ يُبْدِئُ ٱللَّهُ ٱلْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ إِنَّ ذٰلِكَ عَلَى ٱللَّهِ يَسِيرٌ } ، كقوله تعالى : { وَهُوَ ٱلَّذِي يَبْدَؤُاْ ٱلْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ } [ الروم : 27 ] ، ثم قال تعالى : { قُلْ سِيرُواْ فِي ٱلأَرْضِ فَٱنظُرُواْ كَيْفَ بَدَأَ ٱلْخَلْقَ ثُمَّ ٱللَّهُ يُنشِىءُ ٱلنَّشْأَةَ ٱلآخِرَةَ } أي يوم القيامة ، { إِنَّ ٱللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ } ، وهذا المقام شبيه بقوله تعالى : { سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي ٱلآفَاقِ وَفِيۤ أَنفُسِهِمْ حَتَّىٰ يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ ٱلْحَقُّ } [ فصلت : 53 ] ، وكقوله تعالى : { أَمْ خُلِقُواْ مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ أَمْ هُمُ ٱلْخَالِقُونَ * أَمْ خَلَقُواْ ٱلسَّمَاوَاتِ وَٱلأَرْضَ بَل لاَّ يُوقِنُونَ } [ الطور : 35 - 36 ] ، وقوله تعالى : { يُعَذِّبُ مَن يَشَآءُ وَيَرْحَمُ مَن يَشَآءُ } أي هو الحاكم المتصرف الذي يفعل ما يشاء ويحكم ما يريد ، فله الخلق والأمر لأنه المالك الذي لا يظلم مثقال ذرة ، كما جاء في الحديث : " إن الله لو عذب أهل سماواته وأهل أرضه لعذبهم وهو غير ظالم لهم " ، ولهذا قال تعالى : { يُعَذِّبُ مَن يَشَآءُ وَيَرْحَمُ مَن يَشَآءُ وَإِلَيْهِ تُقْلَبُونَ } أي ترجعون يوم القيامة ، وقوله تعالى : { وَمَآ أَنتُمْ بِمُعْجِزِينَ فِي ٱلأَرْضِ وَلاَ فِي ٱلسَّمَآءِ } أي لا يعجزه أحد من أهل سماواته وأرضه ، بل هو القاهر فوق عباده ، فكل شيء خائف منه فقير إليه وهو الغني عما سواه { وَمَا لَكُمْ مِّن دُونِ ٱللَّهِ مِن وَلِيٍّ وَلاَ نَصِيرٍ * وَٱلَّذِينَ كَفَرُواْ بِآيَاتِ ٱللَّهِ وَلِقَآئِهِ } أي جحدوها وكفروا بالمعاد ، { أُوْلَـٰئِكَ يَئِسُواْ مِن رَّحْمَتِي } أي لا نصيب لهم فيها ، { وَأُوْلَـٰئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ } أي موجع شديد في الدنيا والآخرة .