Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 29, Ayat: 24-25)
Tafsir: Muḫtaṣar tafsīr Ibn Kaṯīr
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
يقول تعالى مخبراً عن قوم إبراهيم في كفرهم وعنادهم ومكابرتهم ، ودفعهم الحق بالباطل ، إنهم ما كان لهم جواب بعد مقالة إبراهيم هذه المشتملة على الهدى والبيان { إِلاَّ أَن قَالُواْ ٱقْتُلُوهُ أَوْ حَرِّقُوهُ } ، وذلك لأنهم قام عليهم البرهان وتوجهت عليهم الحجة ، فعدلوا إلى استعمال جاههم وقوة ملكهم ، { قَالُواْ ٱبْنُواْ لَهُ بُنْيَاناً فَأَلْقُوهُ فِي ٱلْجَحِيمِ } [ الصافات : 97 ] وذلك أنهم حشدوا في جمع أحطاب عظيمة مدة طويلة ، ثم أضرموا فيها النار ، ثم عمدوا إلى إبراهيم فكتفوه وألقوه في كفة المنجنيق ، ثم قذفوه فيها فجعلها الله عليه برداً وسلاماً ، وخرج منها سالماً بعدما مكث فيها أياماً ، ولهذا وأمثاله جعله الله للناس إماماً ، فإنه بذل نفسه للرحمن ، وجسده للنيران ، ولهذا اجتمع على محبته جميع أهل الأديان ، وقوله تعالى : { فَأَنْجَاهُ ٱللَّهُ مِنَ ٱلنَّار } أي سلمه منه بأن جعلها عليه برداً وسلاماً ، { إِنَّ فِي ذٰلِكَ لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ * وَقَالَ إِنَّمَا ٱتَّخَذْتُمْ مِّن دُونِ ٱللَّهِ أَوْثَاناً مَّوَدَّةَ بَيْنِكُمْ فِي ٱلْحَيَاةِ ٱلدُّنْيَا } ، يقول لقومه مقرعاً لهم وموبخاً على سوء صنيعهم في عبادتهم للأوثان ، إنما اتخذتم هذه لتجتمعوا على عباداتها في الدنيا صداقة وألفة منكم { ثُمَّ يَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ } ينعكس هذا الحال فتبقى هذه الصداقة والمودة بغضاً وشنآناً ، ثم { يَكْفُرُ بَعْضُكُمْ بِبَعْضٍ } أي تتجاحدون ما كان بينكم ، { وَيَلْعَنُ بَعْضُكُمْ بَعْضاً } أي يلعن الأتباع المتبوعين ، والمتبوعون الأتباع ، { كُلَّمَا دَخَلَتْ أُمَّةٌ لَّعَنَتْ أُخْتَهَا } [ الأعراف : 38 ] ، وقال تعالى : { ٱلأَخِلاَّءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلاَّ ٱلْمُتَّقِينَ } [ الزخرف : 67 ] ، وقال هٰهنا : { ثُمَّ يَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ يَكْفُرُ بَعْضُكُمْ بِبَعْضٍ وَيَلْعَنُ بَعْضُكُمْ بَعْضاً وَمَأْوَاكُمُ ٱلنَّارُ } الآية ، أي ومصيركم ومرجعكم بعد عرصات القيامة إلى النار ، وما لكم من ناصر ينصركم ، ولا منقذ ينقذكم من عذاب الله .