Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 3, Ayat: 181-184)
Tafsir: Muḫtaṣar tafsīr Ibn Kaṯīr
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قال ابن عباس : لما نزل قوله تعالى : { مَّن ذَا ٱلَّذِي يُقْرِضُ ٱللَّهَ قَرْضاً حَسَناً فَيُضَٰعِفَهُ لَهُ أَضْعَافاً كَثِيرَةً } [ البقرة : 245 ] ، قالت اليهود : يا محمد ! افتقر ربك فسأل عباده القرض ؟ فأنزل الله : { لَّقَدْ سَمِعَ ٱللَّهُ قَوْلَ ٱلَّذِينَ قَالُوۤاْ إِنَّ ٱللَّهَ فَقِيرٌ وَنَحْنُ أَغْنِيَآءُ } الآية ؟ وقال محمد بن إسحاق ، عن عكرمة أنه حدثه عن ابن عباس قال : دخل أبو بكر الصدّيق بيت المدراس فوجد من يهود ناساً كثيرة قد اجتمعوا على رجل منهم يقال له ( فنحاص ) وكان من علمائهم وأحبارهم ، ومعه حبر يقال له أشيع ، فقال له أبو بكر : ويحك يا فنحاص اتق الله وأسلم فوالله إنك لتعلم أن محمداً رسول من عند الله قد جاءكم بالحق من عنده ، تجدونه مكتوباً عندكم في التوراة والإنجيل . فقال فنحاص : والله يا أبا بكر ما بنا إلى الله من حاجة من فقر ، وإنه إلينا لفقير ، ما نتضرع إليه كما يتضرع إلينا ، وإنا عنه لأغنياء ، ولو كان عنا غنياً ما استقرض منا كما يزعم صاحبكم ، ينهاكم عن الربا ويعطينا ، ولو كان غنياً ما أعطانا الربا ، فغضب أبو بكر رضي الله عنه فضرب وجه فنحاص ضرباً شديداً ، وقال : والذي نفسي بيده لولا الذي بيننا وبينك من العهد لضربت عنقك يا عدوّ الله فأكذبونا ما استطعتم إن كنتم صادقين ، فذهب ( فنحاص ) إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : يا محمد أبصر ما صنع بي صاحبك ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ما حملك على ما صنعت يا أبا بكر " ؟ فقال : يا رسول الله إن عدو الله قال قولاً عظيماً ، يزعم أن الله فقير وأنهم عنه أغنياء ، فلما قال ذلك غضبت لله مما قال فضربت وجهه ، فجحد فنحاص ذلك وقال : ما قلت ذلك ، فأنزل الله : { لَّقَدْ سَمِعَ ٱللَّهُ قَوْلَ ٱلَّذِينَ قَالُوۤاْ إِنَّ ٱللَّهَ فَقِيرٌ وَنَحْنُ أَغْنِيَآءُ } الآية . وقوله : { سَنَكْتُبُ مَا قَالُواْ } تهديد ووعيد ، ولهذا قرنه تعالى بقوله : { وَقَتْلَهُمُ ٱلأَنبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقٍّ } أي هذا قولهم في الله ، وهذه معاملتهم رسل الله ، وسيجزيهم الله على ذلك شر الجزاء ، ولهذا قال تعالى : { وَنَقُولُ ذُوقُواْ عَذَابَ ٱلْحَرِيقِ * ذٰلِكَ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيكُمْ وَأَنَّ ٱللَّهَ لَيْسَ بِظَلاَّمٍ لِّلْعَبِيدِ } أي يقال لهم ذلك تقريعاً وتوبيخاً وتحقيراً وتصغيراً . وقوله تعالى : { ٱلَّذِينَ قَالُوۤاْ إِنَّ ٱللَّهَ عَهِدَ إِلَيْنَا أَلاَّ نُؤْمِنَ لِرَسُولٍ حَتَّىٰ يَأْتِيَنَا بِقُرْبَانٍ تَأْكُلُهُ ٱلنَّارُ } ، يقول تعالى تكذيباً لهؤلاء الذين زعموا أن الله عهد إليهم في كتبهم ، أن لا يؤمنوا لرسول حتى يكون من معجزاته أن من تصدق بصدقة من أمته فتقبلت منه أن تنزل نار من السماء تأكلها ، قاله ابن عباس والحسن وغيرهما ، قال الله عزّ وجلّ : { قُلْ قَدْ جَآءَكُمْ رُسُلٌ مِّن قَبْلِي بِٱلْبَيِّنَاتِ } أي بالحجج والبراهين ، { وَبِٱلَّذِي قُلْتُمْ } أي وبنار تأكل القرابين المتقبلة ، { فَلِمَ قَتَلْتُمُوهُمْ } ؟ أي فلم قابلتموهم بالتكذيب والمخالفة والمعاندة وقتلتموهم ، { إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ } أنكم تتبعون الحق وتنقادون للرسل ، ثم قال تعالى مسلياً لنبيّه محمد صلى الله عليه وسلم : { فَإِن كَذَّبُوكَ فَقَدْ كُذِّبَ رُسُلٌ مِّن قَبْلِكَ جَآءُوا بِٱلْبَيِّنَاتِ وَٱلزُّبُرِ وَٱلْكِتَابِ ٱلْمُنِيرِ } أي لا يوهنك تكذيب هؤلاء لك ، فلك أسوة بمن قبلك من الرسل ، الذين كذبوا مع ما جاءوا به من البينات ، وهي الحجج والبراهين القاطعة { وَٱلزُّبُرِ } وهي الكتب المتلقاة من السماء كالصحف المنزلة على المرسلين { وَٱلْكِتَابِ ٱلْمُنِيرِ } أي والواضح الجلي .