Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 3, Ayat: 26-27)
Tafsir: Muḫtaṣar tafsīr Ibn Kaṯīr
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
يقول تبارك وتعالى : { قُلِ } يا محمد معظماً لربك وشاكراً له ومفوضاً إليه ومتوكلاً عليه { ٱللَّهُمَّ مَالِكَ ٱلْمُلْكِ } أي لك الملك كله ، { تُؤْتِي ٱلْمُلْكَ مَن تَشَآءُ وَتَنزِعُ ٱلْمُلْكَ مِمَّنْ تَشَآءُ وَتُعِزُّ مَن تَشَآءُ وَتُذِلُّ مَن تَشَآءُ } : أي أنت المعطي وأنت المانع ، وأنت الذي ما شئت كان وما لم تشأ لم يكن ، وفي هذه الآية تنبيه وإرشاد إلى شكر نعمة الله تعالى ، على رسوله صلى الله عليه وسلم وهذه الأمة ، لأن الله تعالى حوّل النبوّة من بني إسرائيل إلى النبي العربي القرشي خاتم الأنبياء على الإطلاق ، ورسول الله إلى جميع الثقلين الإنس والجن ، الذي جمع الله فيه محاسن من كان قبله ، وخصَّه بخصائص لم يعطها نبياً من الأنبياء ، ولا رسولاً من الرسل ، من العلم بالله وشريعته واطلاعه على الغيوب الماضية والآتية ، وكشفه له عن حقائق الآخرة ، ونشر أمته في الآفاق في مشارق الأرض ومغاربها ، وإظهار دينه وشرعه على سائر الأديان والشرائع ، فصلوات الله وسلامه عليه دائماً إلى يوم الدين ما تعاقب الليل والنهار ، ولهذا قال تعالى : { قُلِ ٱللَّهُمَّ مَالِكَ ٱلْمُلْكِ } الآية ، أي : أنت المتصرف في خلقك الفعّال لما تريد ، كما رد تعالى على من يحكم عليه في أمره حيث قال : { وَقَالُواْ لَوْلاَ نُزِّلَ هَـٰذَا ٱلْقُرْآنُ عَلَىٰ رَجُلٍ مِّنَ ٱلْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ } [ الزخرف : 31 ] ، قال الله رداً عليهم : { أَهُمْ يَقْسِمُونَ رَحْمَتَ رَبِّكَ } [ الزخرف : 32 ] الآية ، أي : نحن نتصرف فيما خلقنا كما نريد ، بلا ممانع ولا مدافع ، ولنا الحكمة البالغة والحجة التامة في ذلك ، وهكذا يعطي النبوة لمن يريد ، كما قال تعالى : { ٱللَّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَتَهُ } [ الأنعام : 124 ] . وقال تعالى : { ٱنظُرْ كَيْفَ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ } [ الإسراء : 21 ] الآية . وقوله تعالى : { تُولِجُ ٱللَّيْلَ فِي ٱلْنَّهَارِ وَتُولِجُ ٱلنَّهَارَ فِي ٱلْلَّيْلِ } أي تأخذ من طول هذا فتزيده في قصر هذا فيعتدلان ، ثم تأخذ من هذا في هذا فيتفاوتان ثم يعتدلان ، وهكذا في فصول السنة ربيعاً وصيفاً وخريفاً وشتاء . وقوله تعالى : { وَتُخْرِجُ ٱلْحَيَّ مِنَ ٱلْمَيِّتِ وَتُخْرِجُ ٱلَمَيِّتَ مِنَ ٱلْحَيِّ } أي تخرج الزرع من الحب ، والحب من الزرع ، والنخلة من النواة والنواة من النخلة ، والمؤمن من الكافر والكافر من المؤمن ، والدجاجة من البيضة والبيضة من الدجاجة ، وما جرى هذا المجرى من جميع الأشياء : { وَتَرْزُقُ مَن تَشَآءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ } أي تعطي من شئت من المال ما لا يعده ولا يقدر على إحصائه ، وتقتر على آخرين لما لك في ذلك من الحكمة والإرادة والمشيئة . عن ابن عباس رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " اسم الله الأعظم الذي إذا دعي به أجاب في هذه الآية من آل عمران { قُلِ ٱللَّهُمَّ مَالِكَ ٱلْمُلْكِ تُؤْتِي ٱلْمُلْكَ مَن تَشَآءُ وَتَنزِعُ ٱلْمُلْكَ مِمَّنْ تَشَآءُ وَتُعِزُّ مَن تَشَآءُ وَتُذِلُّ مَن تَشَآءُ بِيَدِكَ ٱلْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ } " .