Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 3, Ayat: 81-82)
Tafsir: Muḫtaṣar tafsīr Ibn Kaṯīr
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
يخبر تعالى أنه أخذ ميثاق كل نبي بعثه من لدن آدم عليه السلام إلى عيسى عليه السلام ، مهما آتى الله أحدهم من كتاب وحكمة وبلغ أي مبلغ ، ثم جاء رسول من بعده ليؤمنن به ولينصرنه ، ولا يمنعه ما هو فيه من العلم والنبوة من اتباع من بعث بعده ونصرته ، ولهذا قال تعالى وتقدس : { وَإِذْ أَخَذَ ٱللَّهُ مِيثَاقَ ٱلنَّبِيِّيْنَ لَمَآ آتَيْتُكُم مِّن كِتَابٍ وَحِكْمَةٍ } أي لَمَهْمَا أعطيتكم من كتاب وحكمة ، { ثُمَّ جَآءَكُمْ رَسُولٌ مُّصَدِّقٌ لِّمَا مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنصُرُنَّهُ قَالَ أَأَقْرَرْتُمْ وَأَخَذْتُمْ عَلَىٰ ذٰلِكُمْ إِصْرِي } ، قال ابن عباس ومجاهد : يعني عهدي ، وقال محمد بن إسحاق { إِصْرِي } أي ميثاقي الشديد المؤكد ، { قَالُوۤاْ أَقْرَرْنَا قَالَ فَٱشْهَدُواْ وَأَنَاْ مَعَكُمْ مِّنَ ٱلشَّاهِدِينَ * فَمَنْ تَوَلَّىٰ بَعْدَ ذٰلِكَ } أي عن هذا العهد والميثاق { فَأُوْلَـٰئِكَ هُمُ ٱلْفَاسِقُونَ } ، قال علي وابن عباس رضي الله عنهما : ما بعث الله نبياً من الأنبياء إلا أخذ عليه الميثاق ، لئن بعث الله محمداً وهو حي ليؤمنن به ولينصرنه ، وأمره أن يأخذ الميثاق على أمته لئن بعث محمد وهم أحياء ليؤمنن به ولينصرنه ، وقال الحسن البصري وقتادة : أخذ الله ميثاق النبيين أن يصدق بعضهم بعضاً ، وهذا لا يضاد ما قاله علي وابن عباس ولا ينفيه بل يستلزمه ويقتضيه ، وقد قال الإمام أحمد : جاء عمر إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله إني أمرت بأخ لي يهودي من قريظة فكتب لي جوامع من التوراة ألا أعرضها عليك ؟ قال : فتغير وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قال عبد الله بن ثابت قلت له : ألا ترى ما بوجه رسول الله صلى الله عليه وسلم ! فقال عمر : رضيت بالله رباً وبالإسلام ديناً وبمحمد رسولاً ، قال : فسُرّي عن النبي صلى الله عليه وسلم ، وقال : " والذي نفسي بيده لو أصبح فيكم موسى عليه السلام ، ثم اتبعتموه وتركتموني لضللتم ، إنكم حظي من الأمم ، وأنا حظكم من النبيين " . حديث آخر : وعن جابر ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لا تسألوا أهل الكتاب عن شيء فإنهم لن يهدوكم وقد ضلوا ، وإنكم إما أن تصدقوا بباطل ، وإما أن تكذبوا بحق ، وإنه والله لو كان موسى حياً بين أظهركم ما حل له إلا أن يتبعني " وفي بعض الأحاديث : " لو كان موسى وعيسى حيين لما وسعهما إلا اتباعي " فالرسول محمد خاتم الأنبياء صلوات الله وسلامه عليه دائماً إلى يوم الدين ، هو الإمام الأعظم الذي لو وجد في أي عصر وجد ، لكان هو الواجب الطاعة المقدم على الأنبياء كلهم ، ولهذا كان إمامهم ليلة الإسراء لما اجتمعوا ببيت المقدس ، وكذلك هو الشفيع في المحشر في إتيان الربّ جلّ جلاله لفصل القضاء بين عباده ، وهو المقام المحمود الذي لا يليق إلاّ له ، والذي يحيد عنه أولو العزم من الأنبياء والمرسلين ، حتى تنتهي النوبة إليه فيكون هو المخصوص به ، صلوات الله وسلامه عليه .