Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 30, Ayat: 8-10)
Tafsir: Muḫtaṣar tafsīr Ibn Kaṯīr
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
يقول تعالى منبهاً على التفكير في مخلوقاته الدالة على وجوده ، وأنه لا إلٰه غيره ولا رب سواه ، { أَوَلَمْ يَتَفَكَّرُواْ فِيۤ أَنفُسِهِمْ } يعني به النظر والتدبر والتأمل لخلق الله الأشياء ، من العالم العلوي و السفلي ، وما بينهما من المخلوقات المتنوعة ، والأجناس المختلفة ، فيعلموا أنها ما خلقت سدى ولا باطلاً بل بالحق ، وأنها مؤجلة إلى أجل مسمى وهو يوم القيامة ، ولهذا قال تعالى : { وَإِنَّ كَثِيراً مِّنَ ٱلنَّاسِ بِلِقَآءِ رَبِّهِمْ لَكَافِرُونَ } ، ثم نبههم على صدق رسله فيما جاءوا به عنه ، بما أيدهم به من المعجزات والدلائل الواضحات ، من إهلاك من كفر بهم ، ونجاة من صدقهم ، فقال تعالى : { أَوَلَمْ يَسيرُواْ فِي ٱلأَرْضِ } أي بأفهامهم وعقولهم ونظرهم وسماع أخبار الماضين ، ولهذا قال : { فَيَنظُرُواْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ ٱلَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ كَانُوۤاْ أَشَدَّ مِنْهُمْ قُوَّةً } أي كانت الأمم الماضية والقرون السالفة أشد منكم قوة وأكثر أموالاً وأولاداً ، ومكنوا في الدنيا تمكيناً لم تبلغوا إليه ، وعمروا فيها أعماراً طوالاً فعمروها أكثر منكم . واستغلوها أكثر من استغلالكم ، ومع هذا فلما جاءتهم رسلهم بالبينات وفرحوا بما أوتوا أخذهم الله بذنوبهم وما كان لهم من الله من واق ، ولا حالت أموالهم وأولادهم بينهم وبين بأس الله ، ولا دفعوا عنهم مثقال ذرة ، وما كان الله ليظلمهم فيما أحل بهم من العذاب والنكال ، { وَلَـٰكِن كَانُوۤاْ أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ } حيث كذبوا بآيات الله واستهزأوا بها ، وما ذاك إلاّ بسبب ذنوبهم السالفة وتكذيبهم المتقدم ، ولهذا قال تعالى : { ثُمَّ كَانَ عَاقِبَةَ ٱلَّذِينَ أَسَاءُواْ ٱلسُّوۤءَىٰ أَن كَذَّبُواْ بِآيَاتِ ٱللَّهِ وَكَانُواْ بِهَا يَسْتَهْزِئُونَ } ، كما قال تعالى : { وَنُقَلِّبُ أَفْئِدَتَهُمْ وَأَبْصَارَهُمْ كَمَا لَمْ يُؤْمِنُواْ بِهِ أَوَّلَ مَرَّةٍ } [ الأنعام : 110 ] ، وقال تعالى : { فَلَمَّا زَاغُوۤاْ أَزَاغَ ٱللَّهُ قُلُوبَهُمْ } [ الصف : 5 ] أي كانت السوأى عاقبتهم لأنهم كذبوا بآيات الله وكانوا بها يستهزئون .