Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 31, Ayat: 13-15)

Tafsir: Muḫtaṣar tafsīr Ibn Kaṯīr

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

يقول تعالى مخبراً عن وصية لقمان لولده ، وقد ذكره الله تعالى بأحسن الذكر ، وهو يوصي ولده الذي هو أشفق الناس عليه وأحبهم إليه ، فهو حقيق أن يمنحه أفضل ما يعرف ، ولهذا أوصاه أولاً بأن يعبد الله وحده لا يشرك به شيئاً ، ثم قال محذراً له { إِنَّ ٱلشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ } أي هو أعظم الظلم عن عبد الله بن مسعود قال : " لما نزلت { ٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَلَمْ يَلْبِسُوۤاْ إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ } شق ذلك على أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وقالوا : أينا لم يلبس إيمانه بظلم ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إنه ليس بذلك ، ألا تسمع إلى قول لقمان { يٰبُنَيَّ لاَ تُشْرِكْ بِٱللَّهِ إِنَّ ٱلشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ } " ، ثم قرن بوصيته إياه بعبادة الله وحده ، البر بالوالدين كما قال تعالى : { وَقَضَىٰ رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُوۤاْ إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِٱلْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً } [ الإسراء : 23 ] وكثيراً ما يقرن تعالى بين ذلك في القرآن ؛ وقال هٰهنا : { وَوَصَّيْنَا ٱلإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْناً عَلَىٰ وَهْنٍ } ، قال مجاهد : مشقة وهن الولد ؛ وقال قتادة : جهداً على جهد ؛ وقال عطاء الخراساني : ضعفاً على ضعف ، وقوله : { وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ } أي تربيته وإرضاعه بعد وضعه في عامين ، كما قال تعالى : { وَٱلْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلاَدَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَن يُتِمَّ ٱلرَّضَاعَةَ } [ البقرة : 233 ] الآية ، ومن هٰهنا استنبط ابن عباس وغيره من الأئمة أن أقل مدة الحمل ستة أشهر ، لأنه قال في الآية الأخرى : { وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلاَثُونَ شَهْراً } [ الأحقاف : 15 ] ، وإنما يذكر تعالى تربية الوالدة ، وتعبها ومشقتها في سهرها ليلاً ونهاراً ، ليذكّر الولد بإحسانها المتقدم إليه ، كما قال تعالى : { وَقُل رَّبِّ ٱرْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيراً } [ الإسراء : 24 ] ، ولهذا قال : { أَنِ ٱشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ ٱلْمَصِيرُ } أي فإني سأجزيك على ذلك أوفر جزاء . عن سعيد بن وهب قال : قدم علينا معاذ بن جبل وكان بعثه النبي صلى الله عليه وسلم ، فقام فحمد الله وأثنى عليه ، ثم قال : إني رسول رسول الله صلى الله عليه وسلم إليكم أن تعبدوا الله ولا تشركوا به شيئاً ، وأن تطيعوني لا آلوكم خيراً ، وإن المصير إلى الله إلى الجنة أو إلى النار ، إقامة فلا ظعن ، وخلود فلا موت . وقوله تعالى : { وَإِن جَاهَدَاكَ عَلَىٰ أَن تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلاَ تُطِعْهُمَا } أي إن حرصا عليك كل الحرص ، على أن تتابعهما على دينهما فلا تقبل منهما ذلك ، ولا يمنعك ذلك أن تصاحبهما في الدنيا { مَعْرُوفاً } أي محسناً إليهما ، { وَٱتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ } يعني المؤمنين ، { ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ } ، روى الطبراني عن داود بن أبي هند أن سعد بن مالك قال : أنزلت فيّ هذه الآية : { وَإِن جَاهَدَاكَ عَلَىٰ أَن تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلاَ تُطِعْهُمَا } الآية ، قال : كنت رجلاً براً بأمي ، فلما أسلمت قالت : يا سعد ما هذا الذي أراك قد أحدثت ؟ لتدعنَّ دينك هذا أو لا آكل ولا أشرب حتى أموت ، فتعيّر بي ، فيقال : يا قاتل أمه ، فقلت : لا تفعلي يا أمه ، فإني لا أدع ديني هذا لشيء ؛ فمكثت يوماً وليلة لم تأكل ، فأصبحت قد جهدت فمكثت يوماً آخر وليلة لم تأكل ، فأصبحت قد جهدت ، فمكثت يوماً وليلة أخرى لا تأكل فأصبحت قد اشتد جهدها ، فلما رأيت ذلك قلت يا أمه تعلمين والله لو كانت لك مائة نفس فخرجت نَفْساً نَفْساً ما تركت ديني هذا لشيء ؛ فإن شئت فكلي وإن شئت لا تأكلي ، فأكلت .