Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 31, Ayat: 27-28)
Tafsir: Muḫtaṣar tafsīr Ibn Kaṯīr
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
يقول تعالى مخبراً عن عظمته وكبريائه ، وجلاله وأسمائه الحسنى وصفاته العلا ، وكلماته التامة التي لا يحيط بها أحد ، ولا اطلاع لبشر على كنهها وإحصائها ، كما قال سيد البشر : " لا أحصي ثناء عليك أنت كما أثنيت على نفسك " ، فقال تعالى : { وَلَوْ أَنَّمَا فِي ٱلأَرْضِ مِن شَجَرَةٍ أَقْلاَمٌ وَٱلْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِن بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ مَّا نَفِدَتْ كَلِمَاتُ ٱللَّهِ } أي ولو أن جميع أشجار الأرض جعلت أقلاماً ، وجعل البحر مداداً وأمده سبعة أبحر معه ، فكتبت بها كلمات الله الدالة على عظمته وصفاته وجلاله ، لتكسرت الأقلام ونفد ماء البحر ولو جاء أمثالها مدداً ، وإنما ذكرت السبعة على وجه المبالغة ولم يرد الحصر ، فقد قال تعالى في الآية الأخرى : { قُل لَّوْ كَانَ ٱلْبَحْرُ مِدَاداً لِّكَلِمَاتِ رَبِّي لَنَفِدَ ٱلْبَحْرُ قَبْلَ أَن تَنفَدَ كَلِمَاتُ رَبِّي وَلَوْ جِئْنَا بِمِثْلِهِ مَدَداً } [ الكهف : 109 ] ، فليس المراد بقوله : { بِمِثْلِهِ } آخر فقط ، بل بمثله ثم بمثله ثم بمثله ، ثم هلم جرا ، لأنه لا حصر لآيات الله وكلماته ، قال الحسن البصري : لو جعل شجر الأرض أقلاماً وجعل البحر مداداً ، وقال الله : إن من أمري كذا ومن أمري كذا لنفد ماء البحر وتكسرت الأقلام ، وقال الربيع بن أنس : إن مثل علم العباد كلهم في علم الله كقطرة من ماء البحور كلها ، وقد أنزل الله ذلك : { وَلَوْ أَنَّمَا فِي ٱلأَرْضِ مِن شَجَرَةٍ أَقْلاَمٌ } الآية ، وقوله تعالى : { مَّا خَلْقُكُمْ وَلاَ بَعْثُكُمْ إِلاَّ كَنَفْسٍ وَاحِدَةٍ } أي ما خلق جميع الناس ، وبعثهم يوم المعاد بالنسبة إلى قدرته ، إلاّ كنسبة خلق نفس واحدة ، الجميع هيّن عليه ، { إِنَّمَآ أَمْرُهُ إِذَآ أَرَادَ شَيْئاً أَن يَقُولَ لَهُ كُن فَيَكُونُ } [ يس : 82 ] ، { وَمَآ أَمْرُنَآ إِلاَّ وَاحِدَةٌ كَلَمْحٍ بِٱلْبَصَرِ } [ القمر : 50 ] أي لا يأمر بالشيء إلاّ مرة واحدة فيكون ذلك الشيء لا يحتاج إلى تكرره وتوكيده ، { فَإِنَّمَا هِيَ زَجْرَةٌ وَاحِدَةٌ * فَإِذَا هُم بِٱلسَّاهِرَةِ } [ النازعات : 13 - 14 ] ، وقوله : { إِنَّ ٱللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ } أي كما هو سميع لأقوالهم بصير بأفعالهم ، كسمعه وبصره بالنسبة إلى نفس واحدة ، كذلك قدرته عليهم كقدرته على نفس واحدة ، ولهذا قال تعالى : { مَّا خَلْقُكُمْ وَلاَ بَعْثُكُمْ إِلاَّ كَنَفْسٍ وَاحِدَةٍ } الآية .