Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 33, Ayat: 49-49)

Tafsir: Muḫtaṣar tafsīr Ibn Kaṯīr

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

هذه الآية الكريمة فيها أحكام كثيرة ، منها إطلاق النكاح على العقد وحده ، وليس في القرآن آية أصرح في ذلك منها ، لقوله تبارك وتعالى : { مِن قَبْلِ أَن تَمَسُّوهُنَّ } وفيها دلالة لإباحة طلاق المرأة قبل الدخول بها ، وقوله تعالى : { ٱلْمُؤْمِنَاتِ } خرج مخرج الغالب ، إذ لا فرق في الحكم بين المؤمنة والكتابية في ذلك بالاتفاق ، وقد استدل ابن عباس وجماعة من السلف بهذه الآية على أن الطلاق لا يقع إلا إذا تقدمه نكاح ، لأن الله تعالى قال : { إِذَا نَكَحْتُمُ ٱلْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ } فعقب النكاح بالطلاق ، وهذا مذهب الشافعي وأحمد بن حنبل ، وذهب مالك وأبو حنيفة إلى صحة الطلاق قبل النكاح ، فيما إذا قال : إن تزوجت فلانة فهي طالق ، فعندهما متى تزوجها طلقت منه ، فأما الجمهور فاحتجوا على عدم وقوع الطلاق بهذه الآية ، قال ابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما ، قال : إذا قال ( كل امرأة أتزوجها فهي طالق ) ليس بشيء ، من أجل أن الله تعالى يقول : { يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُوۤاْ إِذَا نَكَحْتُمُ ٱلْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ } ألا ترى أن الطلاق بعد النكاح ؟ وقد ورد الحديث بذلك عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لا طلاق لابن آدم فيما لا يملك " وفي رواية : " لا طلاق قبل النكاح " ، وقوله عزَّ وجلَّ : { فَمَا لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَهَا } هذا أمر مجمع عليه بين العلماء أن المرأة إذا طلقت قبل الدخول بها لا عدة عليها فتذهب فتتزوج في فورها من شاءت ، ولا يستثنى من هذا إلا المتوفى عنها زوجها فإنها تعتد منه أربعة أشهر وعشراً وإن لم يكن دخل بها بالإجماع أيضاً ، وقوله تعالى : { فَمَتِّعُوهُنَّ وَسَرِّحُوهُنَّ سَرَاحاً جَمِيلاً } المتعة هٰهنا أعم من أن تكون نصف الصداق المسمى أو المتعة الخاصة إن لم يكن قد سمى لها ، قال الله تعالى : { وَإِن طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِن قَبْلِ أَن تَمَسُّوهُنَّ وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ } [ البقرة : 237 ] ، وقال عزَّ وجلَّ : { لاَّ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِن طَلَّقْتُمُ ٱلنِّسَآءَ مَا لَمْ تَمَسُّوهُنَّ أَوْ تَفْرِضُواْ لَهُنَّ فَرِيضَةً وَمَتِّعُوهُنَّ عَلَى ٱلْمُوسِعِ قَدَرُهُ وَعَلَى ٱلْمُقْتِرِ قَدَرُهُ مَتَاعاً بِٱلْمَعْرُوفِ حَقّاً عَلَى ٱلْمُحْسِنِينَ } [ البقرة : 236 ] . وفي " صحيح البخاري " عن سهل بن سعد " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم تزوج ( أميمة بنت شراحيل ) فلما أن دخلت عليه صلى الله عليه وسلم بسط يده إليها فكأنها كرهت ذلك ، فأمر أبا أسيد أن يجهزها ويكسوها ثوبين رازقيين " قال علي بن أبي طلحة : إن كان سمى لها صداقاً فليس لها إلا النصف ، وإن لم يكن سمى لها صداقاً أمتعها على قدر عسره ويسره وهو السراح الجميل .