Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 33, Ayat: 45-48)

Tafsir: Muḫtaṣar tafsīr Ibn Kaṯīr

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

عن عطاء بن يسار ، قال : لقيت عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما فقلت : أخبرني عن صفة رسول الله صلى الله عليه وسلم في التوراة ، قال : أجل ، والله إنه لموصوف في التوراة ببعض صفته في القرآن { يٰأَيُّهَا ٱلنَّبِيُّ إِنَّآ أَرْسَلْنَاكَ شَاهِداً وَمُبَشِّراً وَنَذِيراً } ، وحرزاً للأميين ، أنت عبدي ورسولي ، سميتك المتوكل ، ليس بفظ ولا غليظ ولا سخَّاب في الأسواق ، ولا يدفع السيئة بالسيئة ، ولكن يعفو ويصفح ويغفر ، ولن يقبضه الله حتى يقيم به الملة العوجاء ، بأن يقولوا لا إلٰه إلا الله فيفتح بها أعيناً عمياً ، وآذاناً صماً ، وقلوباً غلفاً . وقال وهب بن منبه : إن الله تعالى أوحى إلى نبي من أنبياء بني إسرائيل يقال له ( شعياء ) أن قم في قومك بني إسرائيل ، فإني منطق لسانك بوحي ، وأبعث أمياً من الأميين ، أبعثه ليس بفظ ولا غليظ ولا سخاب في الأسواق ، لو يمر إلى جنب سراج لم يطفئه من سكينته ، ولو يمشي على القصب لم يسمع من تحت قدميه ، أبعثه مبشراً ونذيراً ، لا يقول الخنا ، أفتح به أعيناً كمها وآذاناً صماً وقلوباً غلفاً ، أسدده لكل أمر جميل ، وأهب له كل خلق كريم ، وأجعل السكينة لباسه ، والبرِّ شعاره ، والتقوى ضميره ، والحكمة منطقه ، والصدق والوفاء طبيعته ، والعفو والمعروف خلقه ، والحق شريعته ، والعدل سيرته ، والهدى إمامه ، والإسلام ملته ، وأحمد اسمه ، أهدي به بعد الضلال ، وأعلِّم به بعد الجهالة ، وأرفع به بعد الخمالة ، وأعرف به بعد النكرة ، وأكثر به بعد القلة ، وأغني به بعد العيلة ، وأجمع به بعد الفرقة ، وأؤلف به بين أمم متفرقة وقلوب مختلفة ، وأهواء متشتتة ، وأستنقذ به فئاماً من الناس عظيمة من الهلكة وأجعل أمته خير أمة أخرجت للناس يأمرون المعروف وينهون عن المنكر ، موحدين مؤمنين مخلصين ، مصدقين لما جاءت به رسلي ، ألهمهم التسبيح والتحميد ، والثناء والتكبير والتوحيد ، في مساجدهم ومجالسهم ومضاجعهم ومنقلبهم ومثواهم ، يصلون لي قياماً وقعوداً ، ويقاتلون في سبيل الله صفوفاً وزحوفاً ، ويخرجون من ديارهم ابتغاء مرضاتي ألوفاً ، يطهرون الوجوه والأطراف ، ويشدون الثياب في الأنصاف ، قربانهم دماؤهم ، وأناجيلهم في صدورهم ، رهبان بالليل ، ليوث بالنهار ، وأجعل في أهل بيته وذريته السابقين والصديقين ، والشهداء والصالحين ، أمته من بعده يهدون بالحق وبه يعدلون ، وأعز من نصرهم وأؤيد من دعا لهم ، وأجعل دائرة السوء على من خالفهم ، أو بغى عليهم ، أو أراد أن ينتزع شيئاً مما في أيديهم ، أجعلهم ورثة لنبيهم ، والداعية إلى ربهم ، يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ويقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة ويوفون بعهدهم ، أختم بهم الخير الذي بدأته بأولهم ، ذلك فضلي أوتيه من أشاء ، وأنا ذو الفضل العظيم . وقال ابن عباس : لما نزلت { يٰأَيُّهَا ٱلنَّبِيُّ إِنَّآ أَرْسَلْنَاكَ شَاهِداً وَمُبَشِّراً وَنَذِيراً } وقد كان أمر علياً ومعاذاً رضي الله عنهما أن يسيرا إلى اليمن ، فقال : " انطلقا فبشرا ولا تنفرا ، ويسرا ولا تعسرا ، إنه قد أنزل عليّ : { يٰأَيُّهَا ٱلنَّبِيُّ إِنَّآ أَرْسَلْنَاكَ شَاهِداً وَمُبَشِّراً وَنَذِيراً } " فقوله تعالى : { شَاهِداً } أي لله بالوحدانية ، وأنه لا إلٰه غيره وعلى الناس بأعمالهم يوم القيامة ، { وَجِئْنَا بِكَ عَلَىٰ هَـٰؤُلاۤءِ شَهِيداً } [ النساء : 41 ] ، كقوله : { لِّتَكُونُواْ شُهَدَآءَ عَلَى ٱلنَّاسِ وَيَكُونَ ٱلرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيداً } [ البقرة : 143 ] ، وقوله عزَّ وجلَّ { وَمُبَشِّراً وَنَذِيراً } أي بشيراً للمؤمنين بجزيل الثواب ، ونذيراً للكافرين من وبيل العقاب ، وقوله جلت عظمته { وَدَاعِياً إِلَى ٱللَّهِ بِإِذْنِهِ } أي داعياً للخلق إلى عبادة ربهم { وَسِرَاجاً مُّنِيراً } أي وأمرك ظاهر فيما جئت به من الحق كالشمس في إشراقها وإضاءتها لا يجحدها إلا معاند . وقوله جلَّ وعلا : { وَلاَ تُطِعِ ٱلْكَافِرِينَ وَٱلْمُنَافِقِينَ وَدَعْ أَذَاهُمْ } أي لا تطعهم وتسمع منهم في الذي يقولونه ، { وَدَعْ أَذَاهُمْ } أي اصفح وتجاوز عنهم وكل أمرهم إلى الله تعالى ، ولهذا قال جلَّ جلاله { وَتَوَكَّـلْ عَلَى ٱللَّهِ وَكَفَىٰ بِٱللَّهِ وَكِـيلاً } .