Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 33, Ayat: 59-62)

Tafsir: Muḫtaṣar tafsīr Ibn Kaṯīr

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

يقول تعالى آمراً رسوله صلى الله عليه وسلم أن يأمر النساء المؤمنات - خاصة أزواجه وبناته لشرفهن - بأن يدنين عليهن من جلابيبهن ، ليتميزن عن سمات نساء الجاهلية ، والجلباب هو الرداء فوق الخمار ، وهو بمنزلة الإزار اليوم ، قال الجوهري : الجلباب الملحفة ، قالت امرأة من هذيل ترثي قتيلاً لها : @ تمشي النسور إليه وهي لاهية مشي العذارى عليهن الجلابيب @@ قال ابن عباس : أمر الله نساء المؤمنين إذا خرجن من بيوتهن في حاجة أن يغطين وجوههن من فوق رؤوسهن بالجلابيب ويبدين عيناً واحدة ، وقال محمد بن سيرين : سألت عبيدة السلماني عن قول الله عزَّ وجلَّ : { يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلاَبِيبِهِنَّ } فغطى وجهه ورأسه وأبرز عينه اليسرى ، وقال عكرمة : تغطي ثغرة نحرها بجلبابها تدنيه عليها ، عن أم سلمة قالت : لما نزلت هذه الآية { يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلاَبِيبِهِنَّ } خرج نساء الأنصار كأن على رؤوسهن الغربان من السكينة وعليهن أكسية سود يلبسنها . وسئل الزهري هل على الوليدة خمار ، متزوجة أو غير متزوجة ؟ قال : عليها الخمار إن كانت متزوجة ، وتنهى عن الجلباب ، لأنه يكره لهن أن يتشبهن بالحرائر المحصنات ، وقد قال الله تعالى : { يٰأَيُّهَا ٱلنَّبِيُّ قُل لأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَآءِ ٱلْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلاَبِيبِهِنَّ } . وروي عن سفيان الثوري أنه قال : لا بأس بالنظر إلى زينة نساء أهل الذمة وإنما نهي عن ذلك لخوف الفتنة لا لحرمتهن ، واستدل بقوله تعالى : { وَنِسَآءِ ٱلْمُؤْمِنِينَ } ، وقوله : { ذٰلِكَ أَدْنَىٰ أَن يُعْرَفْنَ فَلاَ يُؤْذَيْنَ } أي إذا فعلن ذلك عرفن أنهن حرائر ، لسن بإماء ولا عواهر ، قال السدي : كان ناس من فساق أهل المدينة يخرجون بالليل حين يختلط الظلام إلى طرق المدينة ، فيعرضون للنساء وكان مساكن أهل المدينة ضيقة ، فإذا كان الليل خرج النساء إلى الطرق يقضين حاجتهن ، فكان أولئك الفساق يبتغون ذلك منهن ، فإذا رأوا المرأة عليها جلباب قالوا : هذه حرة فكفوا عنها ، وإذا رأوا المرأة ليس عليها جلباب قالوا : هذه أمة فوثبوا عليها ، وقال مجاهد : يتجببن فيعلم أنهن حرائر فلا يتعرض لهن فاسق بأذى ولا ريبة ، وقوله تعالى : { وَكَانَ ٱللَّهُ غَفُوراً رَّحِيماً } أي لما سلف في أيام الجاهلية حيث لم يكن عندهن علم بذلك ، ثم قال تعالى متوعداً للمنافقين وهم الذين يظهرون الإيمان ويبطنون الكفر { وَٱلَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَّرَضٌ } قال عكرمة وغيره : هم الزناة هٰهنا ، { وَٱلْمُرْجِفُونَ فِي ٱلْمَدِينَةِ } يعني الذين يقولون جاء الأعداء وجاءت الحروب ، وهو كذب وافتراء ، لئن لم ينتهوا عن ذلك ويرجعوا إلى الحق { لَنُغْرِيَنَّكَ بِهِمْ } قال ابن عباس : أي لنسلطنك عليهم ، وقال قتادة : لنحرشنك بهم ، وقال السدي : لنعلمنك بهم ، { ثُمَّ لاَ يُجَاوِرُونَكَ فِيهَآ } أي في المدينة { إِلاَّ قَلِيلاً * مَّلْعُونِينَ } حال منهم في مدة إقامتهم في المدينة مدة قريبة مطرودين مبعدين { أَيْنَمَا ثُقِفُوۤاْ } أي وجدوا ، { أُخِذُواْ } لذلتهم وقلتهم ، { وَقُتِّلُواْ تَقْتِيلاً } . ثم قال تعالى : { سُنَّةَ ٱللَّهِ فِي ٱلَّذِينَ خَلَوْاْ مِن قَبْلُ } أي هذه سنته في المنافقين إذا تمردوا على نفاقهم وكفرهم ، ولم يرجعوا عما هم فيه أن أهل الإيمان يسلطون عليهم ويقهرونهم ، { وَلَن تَجِدَ لِسُنَّةِ ٱللَّهِ تَبْدِيلاً } أي وسنّة الله في ذلك لا تبدل ولا تغير .