Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 36, Ayat: 63-67)

Tafsir: Muḫtaṣar tafsīr Ibn Kaṯīr

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

يقال للكفرة من بني آدم يوم القيامة وقد برزت الجحيم لهم تقريعاً وتوبيخاً { هَـٰذِهِ جَهَنَّمُ ٱلَّتِي كُنتُمْ تُوعَدُونَ } أي هذه التي حذرتكم الرسل فكذبتموهم ، { ٱصْلَوْهَا ٱلْيَوْمَ بِمَا كُنتُمْ تَكْفُرُونَ } ، كما قال تعالى : { يَوْمَ يُدَعُّونَ إِلَىٰ نَارِ جَهَنَّمَ دَعًّا * هَـٰذِهِ ٱلنَّارُ ٱلَّتِي كُنتُم بِهَا تُكَذِّبُونَ } [ الطور : 13 - 14 ] ، وقوله تعالى : { ٱلْيَوْمَ نَخْتِمُ عَلَىٰ أَفْوَاهِهِمْ وَتُكَلِّمُنَآ أَيْدِيهِمْ وَتَشْهَدُ أَرْجُلُهُمْ بِمَا كَانُواْ يَكْسِبُونَ } ، هذا حال الكفار والمنافقين يوم القيامة حين ينكرون ما اجترموه في الدنيا ويحلفون ما فعلوه ، فيختم الله على أفواههم ويستنطق جوارحهم بما عملت ، عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال : " كنا عند النبي صلى الله عليه وسلم فضحك حتى بدت نواجذه ، ثم قال صلى الله عليه وسلم : " أتدرون مم أضحك ؟ " قلنا : الله ورسوله أعلم ، قال صلى الله عليه وسلم : " من مجادلة العبد ربه يوم القيامة ، يقول : رب ألم تجرني من الظلم ؟ فيقول : بلى ، فيقول : لا أجيز عليَّ إلا شاهداً من نفسي ، فيقول : كفى بنفسك اليوم عليك حسيباً ، وبالكرام الكاتبين شهوداً ، فيختم على فيه ، ويقال لأركانه : انطقي ، فتنطق بعمله ، ثم يخلى بينه وبين الكلام ، فيقول : بعداً لكن وسحقاً فعنكن كنت أناضل " " وعن أبي هريرة رضي الله عنه ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في حديث القيامة الطويل قال فيه : " ثم يلقى الثالث فيقول : ما أنت ؟ فيقول : أنا عبدك آمنت بك وبنبيك وبكتابك ، وصمت وصلّيت وتصدقت ، ويثني بخير ما استطاع قال فيقال له : ألا نبعث عليك شاهدنا ؟ قال : فيفكر في نفسه من الذي يشهد عليه ، فيختم على فيه ، ويقال : لفخذه انطقي قال فتنطق فخذه ولحمه وعظامه بما كان يعمل ، وذلك المنافق ، وذلك ليعذر من نفسه ، وذلك الذي يسخط الله تعالى عليه " روى ابن جرير عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال : يدعى المؤمن للحساب يوم القيامة ، فيعرض عليه ربه عمله فيما بينه وبينه فيعترف فيقول : نعم أي رب عملت عملت عملت ، قال : فيغفر الله تعالى له ذنوبه ويستره منها ، قال : فما على الأرض خليقة ترى من تلك الذنوب شيئاً ، وتبدو حسناته فود الناس كلهم يرونها ، ويدعى الكافر والمنافق للحساب فيعرض عليه ربه عمله فيجحد ، ويقول : أي رب وعزتك ، لقد كتب عليَّ هذا الملك ما لم أعمل ، فيقول له الملك ، أما عملت كذا في يوم كذا في مكان كذا ؟ فيقول : لا وعزتك أي رب ما عملته ، فإذا فعل ذلك ختم الله تعالى على فيه ، قال أبو موسى الأشعري رضي الله عنه : فإني أحسب أول ما ينطق منه الفخذ اليمنى ، ثم تلا : { ٱلْيَوْمَ نَخْتِمُ عَلَىٰ أَفْوَاهِهِمْ وَتُكَلِّمُنَآ أَيْدِيهِمْ وَتَشْهَدُ أَرْجُلُهُمْ بِمَا كَانُواْ يَكْسِبُونَ } . وقوله تبارك وتعالى : { وَلَوْ نَشَآءُ لَطَمَسْنَا عَلَىٰ أَعْيُنِهِمْ فَٱسْتَبَقُواْ ٱلصِّرَاطَ فَأَنَّىٰ يُبْصِرُونَ } ، قال ابن عباس في تفسيرها يقول : ولو نشاء لأضللناهم عن الهدى فكيف يهتدون ؟ وقال مرة : أعميناهم ، وقال الحسن البصري : لو شاء الله لطمس على أعينهم ، فجعلهم عمياً يترددون ، وقال السدي : ولو نشاء أعمينا أبصارهم ، وقال مجاهد وقتادة والسدي : { فَٱسْتَبَقُواْ ٱلصِّرَاطَ } يعني الطريق ، وقال ابن زيد يعني بالصراط هٰهنا الحق فأنى يبصرون وقد طمسنا على أعينهم ؟ وقال ابن عباس : { فَأَنَّىٰ يُبْصِرُونَ } لا يبصرون الحق ، وقوله عزّ وجلّ : { وَلَوْ نَشَآءُ لَمَسَخْنَاهُمْ عَلَىٰ مَكَـانَتِهِمْ } قال ابن عباس : أهلكناهم ، وقال السدي : يعني لغيرنا خلقهم ، وقال أبو صالح : لجعلناهم حجارة ، وقال الحسن البصري وقتادة : لأقعدهم على أرجلهم ، ولهذا قال تبارك وتعالى : { فَمَا ٱسْتَطَاعُواْ مُضِيّاً } أي إلى الإمام { وَلاَ يَرْجِعُونَ } إلى وراء بل يلزمون حالاً واحداً لا يتقدمون ولا يتأخرون .