Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 36, Ayat: 81-83)

Tafsir: Muḫtaṣar tafsīr Ibn Kaṯīr

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

يقول تعالى مخبراً منبهاً على قدرته العظيمة ، في خلق السماوات السبع بما فيها من الكواكب السيارة والثوابت ، والأرضين السبع وما فيها من جبال ورمال وبحار وقفار وما بين ذلك ، ومرشداً إلى الاستدلال على إعادة الأجساد بخلق هذه الأشياء العظيمة كقوله تعالى : { لَخَلْقُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ أَكْـبَرُ مِنْ خَلْقِ ٱلنَّاسِ } [ غافر : 57 ] وقال عزّ وجلّ هٰهنا { أَوَلَـيْسَ ٱلَذِي خَلَقَ ٱلسَّمَاواتِ وَٱلأَرْضَ بِقَادِرٍ عَلَىٰ أَن يَخْلُقَ مِثْلَهُم } أي مثل البشر فيعيدهم كما بدأهم ، وهذه الآية الكريمة كقوله عزّ وجلّ : { أَوَلَمْ يَرَوْاْ أَنَّ ٱللَّهَ ٱلَّذِي خَلَقَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضَ وَلَمْ يَعْيَ بِخَلْقِهِنَّ بِقَادِرٍ عَلَىٰ أَن يُحْيِـيَ ٱلْمَوْتَىٰ بَلَىٰ إِنَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ } [ الأحقاف : 33 ] ، وقال تبارك وتعالى هٰهنا : { بَلَىٰ وَهُوَ ٱلْخَلاَّقُ ٱلْعَلِيمُ * إِنَّمَآ أَمْرُهُ إِذَآ أَرَادَ شَيْئاً أَن يَقُولَ لَهُ كُن فَيَكُونُ } أي إنما يأمر بالشيء أمراً واحداً لا يحتاج إلى تكرار وتأكيد كما قيل : @ إذا ما أراد الله أمراً فإنما { فَيَكُونُ } يقول له { كُن } قولةً @@ عن أبي ذر رضي الله عنه ، " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " إن الله تعالى يقول يا عبادي كلكم مذنب إلا من عافيت فاستغفروني أغفر لكم ، وكلكم فقير إلا من أغنيت ، إني جوّاد ماجد واجد أفعل ما أشاء ، عطائي كلام ، وعذابي كلام ، إذا أردت شيئاً فإنما أقول له كن فيكون " " ، وقوله تعالى : { فَسُبْحَانَ ٱلَّذِي بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ } أي تنزيه وتقديس للحي القيوم ، الذي بيده مقاليد السماوات والأرض ، وإليه ترجع العباد يوم المعاد فيجازي كل معامل بعمله ، وهو العادل المنعم المتفضل ، ومعنى قوله سبحانه : { فَسُبْحَانَ ٱلَّذِي بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ } كقوله عزّ وجلّ : { تَبَارَكَ ٱلَّذِي بِيَدِهِ ٱلْمُلْكُ } [ الملك : 1 ] فالملك والملكوت واحد في المعنى كرحمة ورحموت ، ورهبة ورهبوت ، ومن الناس من زعم أن { ٱلْمُلْكُ } هو عالم الأجساد ، و { المَلَكُوتُ } هو عالم الأرواح ، والصحيح الأول ، وهو الذي عليه الجمهور من المفسرين وغيرهم . روى الإمام أحمد عن حذيفة بن اليمان رضي الله عنه قال : " قمت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات ليلة فقرأ السبع الطوال في ركعات ، وكان صلى الله عليه وسلم إذا رفع رأسه من الركوع قال : سمع الله لمن حمده ، ثم قال : الحمد لله ، ذي الملكوت والجبروت والكبرياء والعظمة ، وكان ركوعه مثل قيامه ، وسجوده مثل ركوعه ، فانصرف وقد كادت تنكسر رجلاي " عن عوف بن مالك الأشجعي رضي الله عنه قال : " قمت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة فقام ، فقرأ سورة البقرة ، لا يمر بآية رحمة إلا وقف وسأل ، ولا يمر بآية عذاب إلا وقف وتعوذ ، قال : ثم ركع بقدر قيامه ، يقول في ركوعه : " سبحان ذي الجبروت والملكوت والكبرياء والعظمة " ، ثم سجد بقدر قيامه ، ثم قال في سجوده مثل ذلك ، ثم قام فقرأ بآل عمران ، ثم قرأ سورة " .