Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 37, Ayat: 149-160)

Tafsir: Muḫtaṣar tafsīr Ibn Kaṯīr

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

يقول تعالى منكراً على هؤلاء المشركين في جعلهم لله تعالى البنات { سُبْحَانَهُ وَلَهُمْ مَّا يَشْتَهُونَ } [ النحل : 57 ] أي من الذكور ، أي يودون لأنفسهم الجيد ، { وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِٱلأُنْثَىٰ ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدّاً وَهُوَ كَظِيمٌ } [ النحل : 58 ] أي يسوؤه ذلك ولا يختار لنفسه إلا البنين ، يقول عزّ وجلّ فكيف نسبوا إلى الله تعالى القسم الذي لا يختارونه لأنفسهم ، ولهذا قال تعالى : { فَٱسْتَفْتِهِمْ } أي سلهم على سبيل الإنكار عليهم { أَلِرَبِّكَ ٱلْبَنَاتُ وَلَهُمُ ٱلْبَنُونَ } ؟ كقوله عزّ وجلّ : { أَلَكُمُ ٱلذَّكَرُ وَلَهُ ٱلأُنْثَىٰ * تِلْكَ إِذاً قِسْمَةٌ ضِيزَىٰ } [ النجم : 21 - 22 ] ، وقوله تبارك وتعالى : { أَمْ خَلَقْنَا ٱلْمَلاَئِكَةَ إِنَاثاً وَهُمْ شَاهِدُونَ } أي كيف حكموا على الملائكة أنهم إناث وما شاهدوا خلقهم كقوله جلّ وعلا : { وَجَعَلُواْ ٱلْمَلاَئِكَةَ ٱلَّذِينَ هُمْ عِبَادُ ٱلرَّحْمَـٰنِ إِنَاثاً أَشَهِدُواْ خَلْقَهُمْ سَتُكْتَبُ شَهَادَتُهُمْ وَيُسْأَلُونَ } [ الزخرف : 19 ] أي يسألون عن ذلك يوم القيامة ، وقوله جلت عظمته : { أَلاَ إِنَّهُم مِّنْ إِفْكِهِمْ } أي من كذبهم { لَيَقُولُونَ وَلَدَ ٱللَّهُ } أي صدر منه الولد { وَإِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ } ، فذكر الله تعالى عنهم في الملائكة ثلاثة أقوال في غاية الكفر والكذب : فأولاً جعلوهم ( بنات الله ) فجعلوا لله ولداً تعالى وتقدس ، ثُمَّ حجعلوا ذلك الولد ( أنثى ) ثم عبدوهم من دون الله تعالى وتقدس وكل منها كاف في التخليد في نار جهنم ، ثم قال تعالى منكراً عليهم : { أَصْطَفَى ٱلْبَنَاتِ عَلَىٰ ٱلْبَنِينَ } أي : أي شيء يحمله على أن يختار البنات دون البنين ؟ كقوله عزّ وجلّ : { أَفَأَصْفَاكُمْ رَبُّكُم بِٱلْبَنِينَ وَٱتَّخَذَ مِنَ ٱلْمَلاۤئِكَةِ إِنَاثاً إِنَّكُمْ لَتَقُولُونَ قَوْلاً عَظِيماً } [ الإسراء : 40 ] ، ولهذا قال تبارك وتعالى : { مَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ } ؟ أي ما لكم عقول تتدبرون بها ما تقولون { أَفَلاَ تَذَكَّرُونَ * أَمْ لَكُمْ سُلْطَانٌ مُّبِينٌ } أي حجة على ما تقولونه ، { فَأْتُواْ بِكِتَابِكُمْ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ } أي هاتوا برهاناً على ذلك يكون مستنداً إلى كتاب منزل من السماء ، عن الله تعالى أنه اتخذ ما تقولونه فإن ما تقولونه لا يمكن استناده إلى عقل ، بل لا يجوزه العقل بالكلية . وقوله تعالى : { وَجَعَلُواْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ ٱلْجِنَّةِ نَسَباً } قال مجاهد : قال المشركون : الملائكة بنات الله تعالى ، فقال أبو بكر رضي الله عنه : فمن أمهاتهن ؟ قالوا : بنات سروات الجن ، ولهذا قال تعالى : { وَلَقَدْ عَلِمَتِ ٱلجِنَّةُ } أي الذين نسبوا إليهم ذلك { إِنَّهُمْ لَمُحْضَرُونَ } أي إن الذين قالوا ذلك { لَمُحْضَرُونَ } في العذاب يوم الحساب ، لكذبهم في ذلك وافترائهم وقولهم الباطل بلا علم ، قال ابن عباس : زعم أعداء الله أنه تبارك وتعالى هو وإبليس أخوان ، تعالى الله عن ذلك علواً كبيراً ، وقوله جلت عظمته : { سُبْحَانَ ٱللَّهِ عَمَّا يَصِفُونَ } أي تعالى وتقدس وتنزه عن أن يكون له ولد ، وعما يصفه به الظالمون الملحدون علواً كبيراً ، وقوله تعالى : { إِلاَّ عِبَادَ ٱللَّهِ ٱلْمُخْلَصِينَ } استثنى منهم المخلصين وهم المتبعون للحق المنزل على كل نبي مرسل ، وجعل ابن جرير هذا الاستنثاء من قوله تعالى : { إِنَّهُمْ لَمُحْضَرُونَ … إِلاَّ عِبَادَ ٱللَّهِ ٱلْمُخْلَصِينَ } وفي هذا الذي قاله نظر ، والله سبحانه وتعالى أعلم .