Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 37, Ayat: 161-170)

Tafsir: Muḫtaṣar tafsīr Ibn Kaṯīr

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

يقول تعالى مخاطباً المشركين : { فَإِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ * مَآ أَنتُمْ عَلَيْهِ بِفَاتِنِينَ * إِلاَّ مَنْ هُوَ صَالِ ٱلْجَحِيمِ } أي إنما ينقاد لمقالتكم وما أنتم عليه من الضلالة والعبادة الباطلة ، من هو أضل منكم ممن ذرىء للنار ، { لَهُمْ قُلُوبٌ لاَّ يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لاَّ يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لاَّ يَسْمَعُونَ بِهَآ أُوْلَـٰئِكَ كَٱلأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُوْلَـٰئِكَ هُمُ ٱلْغَافِلُونَ } [ الأعراف : 179 ] فهذا الضرب من الناس هو الذي ينقاد لدين الشرك والكفر والضلالة ، كما قال تبارك وتعالى : { إِنَّكُمْ لَفِي قَوْلٍ مُّخْتَلِفٍ * يُؤْفَكُ عَنْهُ مَنْ أُفِكَ } [ الذاريات : 8 - 9 ] أي إنما يضل به من هو مأفوك ومبطل ، ثم قال تبارك وتعالى منزهاً للملائكة مما نسبوا إليهم من الكفر بهم والكذب عليهم أنهم بنات الله : { وَمَا مِنَّآ إِلاَّ لَهُ مَقَامٌ مَّعْلُومٌ } أي له موضع مخصوص في السماوات ومقام العبادات لا يتجاوزه ولا يتعداه ، قال الضحّاك . كان مسروق يروي " عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ما من السماء الدنيا موضع إلا عليه ملك ساجد أو قائم " فذلك قوله تعالى : { وَمَا مِنَّآ إِلاَّ لَهُ مَقَامٌ مَّعْلُومٌ } " وقال الاعمش ، عن ابن عباس رضي الله عنه قال : " إن في السماوات لسماء ما فيها موضع شبر إلا عليه جبهة ملك أو قدماه ، ثم قرأ عبد الله رضي الله عنه : { وَمَا مِنَّآ إِلاَّ لَهُ مَقَامٌ مَّعْلُومٌ } ، قال ابن جريج : كانوا لا يصفون في الصلاة حتى نزلت : { وَإِنَّا لَنَحْنُ ٱلصَّآفُّونَ } فصفوا ، وقال أبو نضرة : كان عمر رضي الله عنه إذا أقيمت الصلاة استقبل الناس بوجهه ، ثم قال : أقيموا صفوفكم ، استووا قياماً ، يريد الله تعالى بكم هدي الملائكة ، ثم يقول : { وَإِنَّا لَنَحْنُ ٱلصَّآفُّونَ } ، تأخر يا فلان ، تقدم يا فلان ، ثم يتقدم فيكبر " وفي " صحيح مسلم " عن حذيفة رضي الله عنه قال : " قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " فضلنا على الناس بثلاث : جعلت صفوفنا كصفوف الملائكة ، وجعلت لنا الأرض مسجداً ، وتربتها طهوراً " " الحديث ، { وَإِنَّا لَنَحْنُ ٱلْمُسَبِّحُونَ } أي نصطف فنسبح الرب ونمجده ونقدسه وننزهه عن النقائص ، فنحن عبيد له فقراء إليه خاضعون لديه ، وقال ابن عباس ومجاهد : { وَمَا مِنَّآ إِلاَّ لَهُ مَقَامٌ مَّعْلُومٌ } الملائكة ، { وَإِنَّا لَنَحْنُ ٱلصَّآفُّونَ } الملائكة { وَإِنَّا لَنَحْنُ ٱلْمُسَبِّحُونَ } الملائكة تسبح الله عز وجل وقال قتادة : { وَإِنَّا لَنَحْنُ ٱلْمُسَبِّحُونَ } يعني المصلون يثبتون بمكانهم من العبادة . وقوله جل وعلا : { وَإِن كَانُواْ لَيَقُولُونَ * لَوْ أَنَّ عِندَنَا ذِكْراً مِّنَ ٱلأَوَّلِينَ * لَكُنَّا عِبَادَ ٱللَّهِ ٱلْمُخْلَصِينَ } ، أي قد كانوا يتمنون قبل أن تأتيهم يا محمد لو كان عندهم من يذكرهم بأمر الله ، وما كان من أمر القرون الأولى ويأتيهم بكتاب الله كما قال جلّ جلاله : { وَأَقْسَمُواْ بِٱللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ لَئِن جَآءَهُمْ نَذِيرٌ لَّيَكُونُنَّ أَهْدَىٰ مِنْ إِحْدَى ٱلأُمَمِ فَلَمَّا جَآءَهُمْ نَذِيرٌ مَّا زَادَهُمْ إِلاَّ نُفُوراً } [ فاطر : 42 ] ، وقال تعالى : { أَن تَقُولُوۤاْ إِنَّمَآ أُنزِلَ ٱلْكِتَابُ عَلَىٰ طَآئِفَتَيْنِ مِن قَبْلِنَا وَإِن كُنَّا عَن دِرَاسَتِهِمْ لَغَافِلِينَ } [ الأنعام : 156 ] ولهذا قال تعالى هٰهنا : { فَكَفَرُواْ بِهِ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ } وعيد أكيد وتهديد شديد ، على كفرهم بربهم عزّ وجلّ وتكذيبهم رسوله صلى الله عليه وسلم .