Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 37, Ayat: 27-37)
Tafsir: Muḫtaṣar tafsīr Ibn Kaṯīr
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
يذكر تعالى : أن الكفار يتلاومون في عرصات القيامة ، كما يتخاصمون في دركات النار ، { فَيَقُولُ ٱلضُّعَفَاءُ لِلَّذِينَ ٱسْتَكْـبَرُوۤاْ إِنَّا كُنَّا لَكُمْ تَبَعاً فَهَلْ أَنتُم مُّغْنُونَ عَنَّا نَصِيباً مِّنَ ٱلنَّارِ } [ غافر : 47 ] كما قال تعالى : { وَلَوْ تَرَىٰ إِذِ ٱلظَّالِمُونَ مَوْقُوفُونَ عِندَ رَبِّهِمْ يَرْجِعُ بَعْضُهُمْ إِلَىٰ بَعْضٍ ٱلْقَوْلَ يَقُولُ ٱلَّذِينَ ٱسْتُضْعِفُواْ لِلَّذِينَ ٱسْتَكْبَرُواْ لَوْلاَ أَنتُمْ لَكُنَّا مُؤْمِنِينَ } [ سبأ : 31 ] وهكذا قالوا لهم هٰهنا : { إِنَّكُمْ كُنتُمْ تَأْتُونَنَا عَنِ ٱلْيَمِينِ } ، قال ابن عباس ، يقولون : كنتم تقهروننا بالقدرة منكم علينا ، لأنا كنا أذلاء وكنتم أعزاء ، وقال مجاهد : يعني عن الحق ، تقوله الكفار للشياطين ، وقال قتادة : قالت الإنس للجن : { إِنَّكُمْ كُنتُمْ تَأْتُونَنَا عَنِ ٱلْيَمِينِ } ، قال : من قبل الخير فتنهونا عنه وتبطئونا عنه ، وقال السدي : تأتوننا من قبل الحق وتزينوا لنا الباطل ، وتصدونا عن الحق ، قال الحسن : أي والله يأتيه عند كل خير يريده فيصده عنه ، وقال ابن زيد : معناه تحولون بيننا وبين الخير ، ورددتمونا عن الإسلام والإيمان والعمل بالخير الذي أمرنا به . وقوله تعالى : { قَالُواْ بَلْ لَّمْ تَكُونُواْ مُؤْمِنِينَ } تقول القادة من الجن والإنس للأتباع : ما الأمر كما تزعمون ، بل كانت قلوبكم منكرة للإيمان ، قابلة للكفر والعصيان ، { وَمَا كَانَ لَنَا عَلَيْكُمْ مِّن سُلْطَانٍ } أي من حجة على صحة ما دعوناكم إليه ، { بَلْ كُنتُمْ قَوْماً طَاغِينَ } ، أي بل كان فيكم طغيان ومجاوزة للحق ، فلهذا استجبتم لنا وتركتم الحق الذي جاءتكم به الأنبياء ، { فَحَقَّ عَلَيْنَا قَوْلُ رَبِّنَآ إِنَّا لَذَآئِقُونَ * فَأَغْوَيْنَاكُمْ إِنَّا كُنَّا غَاوِينَ } ، يقول الكبراء للمستضعفين : حقت علينا كلمة الله إنا من الأشقياء الذائقين للعذاب يوم القيامة ، { فَأَغْوَيْنَاكُمْ } أي دعوناكم إلى الضلالة { إِنَّا كُنَّا غَاوِينَ } ، أي فدعوناكم إلى ما نحن فيه فاستجبتم لنا ، قال تعالى : { فَإِنَّهُمْ يَوْمَئِذٍ فِي ٱلْعَذَابِ مُشْتَرِكُونَ } أي الجميع في النار كل بحسبه ، { إِنَّا كَذَلِكَ نَفْعَلُ بِٱلْمُجْرِمِينَ * إِنَّهُمْ كَانُوۤاْ } أي في الدار الدنيا { إِذَا قِيلَ لَهُمْ لاَ إِلَـٰهَ إِلاَّ ٱللَّهُ يَسْتَكْبِرُونَ } أي يستكبرون أن يقولوها كما يقولها المؤمنون . وفي الحديث : " أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إلٰه إلا الله ، فمن قال : لا إلٰه إلا الله فقد عصم مني ماله ونفسه إلا بحقه وحسابه على الله عزّ وجلّ " وروى ابن أبي حاتم عن أبي العلاء قال : يؤتى باليهود يوم القيامة فيقال لهم : ما كنتم تعبدون ؟ فيقولون : نعبد الله وعزيراً ، فيقال لهم : خذوا ذات الشمال ؛ ثم يؤتى بالنصارى فيقال لهم : ما كنتم تعبدون ؟ فيقولون : نعبد الله والمسيح ، فيقال لهم : خذوا ذات الشمال ، ثم يؤتى بالمشركين فيقال لهم : لا إلٰه إلا الله ، فيستكبرون ، ثم يقال لهم : لا إلٰه إلا الله ، فيستكبرون ، ثم يقال لهم : لا إلٰه إلا الله ، فيستكبرون ، فيقال لهم : خذوا ذات الشمال ، قال أبو نضرة : فينطلقون أسرع من الطير ، قال أبو العلاء : ثم يؤتى بالمسلمين فيقال لهم : ما كنتم تعبدون ؟ فيقولون : كنا نعبد الله تعالى ، فيقال لهم : هل تعرفونه إذا رأيتموه ؟ فيقولون : نعم ، فيقال لهم : فكيف تعرفونه ولم تروه ؟ فيقولون : نعلم أنه لا عدل له ، قال : فيتعرف لهم تبارك وتعالى وتقدس وينجي الله المؤمنين . { وَيَقُولُونَ أَئِنَّا لَتَارِكُوۤاْ آلِهَتِنَا لِشَاعِرٍ مَّجْنُونٍ } أي أنحن نترك عبادة آلهتنا وآلهة آبائنا عن قول هذا الشاعر المجنون ؟ يعنون رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قال الله تعالى تكذيباً لهم ورداً عليهم : { بَلْ جَآءَ بِٱلْحَقِّ } يعني رسول الله صلى الله عليه وسلم جاء بالحق ، { وَصَدَّقَ ٱلْمُرْسَلِينَ } أي صدّقهم فيما أخبروا عنه من الصفات الحميدة ، والمناهج السديدة ، وأخبر عن الله تعالى في شرعه وأمره ، كما أخبروا { مَّا يُقَالُ لَكَ إِلاَّ مَا قَدْ قِيلَ لِلرُّسُلِ مِن قَبْلِكَ } [ فصلت : 43 ] الآية .