Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 38, Ayat: 27-29)
Tafsir: Muḫtaṣar tafsīr Ibn Kaṯīr
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
يخبر تعالى أنه ما خلق الخلق عبثاً ، وإنما خلقهم ليعبدوه ويوحّدوه ، ثم يجمعهم يوم الجمع فيثيب المطيع ويعذب الكافر ، ولهذا قال تبارك وتعالى : { وَمَا خَلَقْنَا ٱلسَّمَآءَ وَٱلأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا بَاطِلاً ذَلِكَ ظَنُّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ } ، أي الذين لا يرون بعثاً ولا معاداً ، وإنما يعتقدون هذه الدار فقط ، { فَوَيْلٌ لِّلَّذِينَ كَفَرُواْ مِنَ ٱلنَّارِ } أي ويل لهم يوم معادهم ونشورهم من النار المعدة لهم ، ثم بيَّن تعالى أنه عزّ وجلّ من عدله وحكمته لا يساوي بين المؤمنين والكافرين ، فقال تعالى : { أَمْ نَجْعَلُ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ كَٱلْمُفْسِدِينَ فِي ٱلأَرْضِ أَمْ نَجْعَلُ ٱلْمُتَّقِينَ كَٱلْفُجَّارِ } أي لا نفعل ذلك ، ولا يستوون عند الله ، وإذا كان الأمر كذلك ، فلا بد من دار أخرى يثاب فيها المطيع ، ويعاقب فيها هذا الفاجر ، وتدل العقول السليمة والفطر المستقيمة على أنه لا بد من معاد وجزاء ، فإنا نرى الظالم الباغي يزداد ماله وولده ونعيمه ، ويموت كذلك ، ونرى المطيع المظلوم يموت بكمده ، فلا بد في حكمة الحكيم العليم العادل ، الذي لا يظلم مثقال ذرة من إنصاف هذا من هذا ، وإذا لم يقع هذا في هذه الدار فتعين أن هناك داراً أخرى ، لهذا الجزاء والمواساة ، ولما كان القرآن يرشد إلى المقاصد الصحيحة والمآخذ العقلية الصريحة قال تعالى : { كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِّيَدَّبَّرُوۤاْ آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُوْلُواْ ٱلأَلْبَابِ } أي ذوو العقول ، وهي ( الألباب ) جمع لب وهو العقل ، قال الحسن البصري : والله ما تدبره بحفظ حروفه ، وإضاعة حدوده ، حتى إن أحدهم ليقول : قرأت القرآن كله ما يرى له القرآن في خلق ولا عمل .