Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 39, Ayat: 68-70)
Tafsir: Muḫtaṣar tafsīr Ibn Kaṯīr
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
يقول تبارك وتعالى مخبراً عن هول يوم القيامة وما يكون فيه من الآيات العظيمة والزلازل الهائلة ، فقوله تعالى : { وَنُفِخَ فِي ٱلصُّورِ فَصَعِقَ مَن فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَمَن فِي ٱلأَرْضِ إِلاَّ مَن شَآءَ ٱللَّهُ } هذه النفخة هي الثانية وهي ( نفخة الصعق ) وهي التي يموت بها الأحياء من أهل السماوات والأرض إلا من شاء الله ، كما جاء مصرحاً به مفسراً في حديث الصور المشهور ، ثم يقبض أرواح الباقين حتى يكون آخر من يموت ملك الموت ، وينفرد الحي القيوم الذي كان أولاً ، وهو الباقي آخراً بالديمومة والبقاء ، ويقول : { لِّمَنِ ٱلْمُلْكُ ٱلْيَوْمَ } [ غافر : 16 ] ثلاث مرات ، ثم يجيب نفسه بنفسه فيقول : { لِلَّهِ ٱلْوَاحِدِ ٱلْقَهَّارِ } [ غافر : 16 ] أنا الذي كنت وحدي ، وقد قهرت كل شيء ، وحكمت بالفناء على كل شيء ، ثم يحيي أول من يحيي إسرافيل ، ويأمره أن يفنخ في الصور أُخرى وهي النفخة الثالثة ( نفخة البعث ) قال الله عزّ وجلّ : { ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ أُخْرَىٰ فَإِذَا هُمْ قِيَامٌ يَنظُرُونَ } أي أحياء بعد ما كانوا عظاماً ورفاتاً صاروا أحياء ينظرون إلى أهوال يوم القيامة ، كما قال تعالى : { فَإِنَّمَا هِيَ زَجْرَةٌ وَاحِدَةٌ * فَإِذَا هُم بِٱلسَّاهِرَةِ } [ النازعات : 13 - 14 ] ، وقال تعالى : { ثُمَّ إِذَا دَعَاكُمْ دَعْوَةً مِّنَ ٱلأَرْضِ إِذَآ أَنتُمْ تَخْرُجُونَ } [ الروم : 25 ] . روى الإمام أحمد ، عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " يخرج الدجال في أمتي فيمكث فيهم أربعين - لا أدري أربعين يوماً ، أو أربعين شهراً ، أو أربعين عاماً ، أو أربعين ليلة - فيبعث الله تعالى عيسى ابن مريم عليهما الصلاة والسلام كأنه ( عروة بن مسعود الثقفي ) ، فيظهر فيهلكه الله تعالى ، ثم يلبث الناس بعده سنين سبعاً ليس بين اثنين عداوة ، ثم يرسل الله تعالى ريحاً باردة من قبل الشام ، فلا يبقى أحد في قلبه مثقال ذرة من إيمان إلا قبضته ، إنَّ أحدهم لو كان في كبد جبل لدخلت عليه " ، قال : سمعتها من رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ويبقى شرار الناس في خفة الطير وأحلام السباع لا يعرفون معروفاً ولا ينكرون منكراً ، قال : فيتمثل لهم الشيطان فيقول : ألا تستجيبون ؟ فيأمرهم بعبادة الأوثان فيعبدونها ، وهم في ذلك دارةٌ أرزاقهم ، حسنٌ عيشهم ، ثم ينفخ في الصور ؛ فلا يسمعه أحد إلا أصغى ليتاً ورفع ليتاً ، وأول من يسمعه رجل يلوط حوضه فيصعق ، ثم لا يبقى أحد إلا صعق ، ثم يرسل الله تعالى - أو ينزل الله عزّ وجلّ - مطراً كأنه الطل أو الظل - شك نعمان - فتنبت منه الناس ، ثم ينفخ فيه أخرى فإذا هم قيام ينظرون ، ثم يقال : أيها الناس هلموا إلى ربكم { وَقِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَّسْئُولُونَ } قال ، ثم يقال : أخرجوا بعث النار ، فيقال : كم ؟ فيقال : من كل ألف تسعمائة وتسعة وتسعون ، فيومئذٍ تبعث الولدان شيباً ويومئذٍ يكشف عن ساق " وروى البخاري عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " " ما بين النفختين أربعون " ، قالوا : يا أبا هريرة أربعون يوماً ؟ قال رضي الله تعالى عنه : أبيت ، قالوا : أربعون سنة ؟ قال : أبيت . قالوا : أربعون شهراً ؟ قال : أبيت ، ويبلى كل شيء من الإنسان إلا عجب ذنبه فيه يركب الخلق " . وقوله تبارك وتعالى : { وَأَشْرَقَتِ ٱلأَرْضُ بِنُورِ رَبِّهَا } أي أضاءت يوم القيامة إذا تجلى الحق جل وعلا للخلائق لفصل القضاء ، { وَوُضِعَ ٱلْكِتَابُ } قال قتادة : كتاب الأعمال ، { وَجِـيءَ بِٱلنَّبِيِّيْنَ } قال ابن عباس : يشهدون على الأمم بأنهم بلغوهم رسالات الله إليهم ، { وَٱلشُّهَدَآءِ } أي الشهداء من الملائكة الحفظة على أعمال العباد من خير وشر ، { وَقُضِيَ بَيْنَهُم بِٱلْحَقِّ } أي بالعدل ، { وَهُمْ لاَ يُظْلَمُونَ } ، كما قال تعالى : { فَلاَ تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئاً وَإِن كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِّنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا وَكَفَىٰ بِنَا حَاسِبِينَ } [ الأنبياء : 47 ] ، وقال جل وعلا : { إِنَّ ٱللَّهَ لاَ يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ } [ النساء : 40 ] . ولهذا قال : { وَوُفِّيَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَّا عَمِلَتْ } أي من خير أو شر ، { وَهُوَ أَعْلَمُ بِمَا يَفْعَلُونَ } .