Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 4, Ayat: 114-115)
Tafsir: Muḫtaṣar tafsīr Ibn Kaṯīr
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
يقول تعالى : { لاَّ خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِّن نَّجْوَاهُمْ } يعني كلام الناس { إِلاَّ مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلاَحٍ بَيْنَ ٱلنَّاسِ } أي إلا نجوى من قال ذلك كما جاء في الحديث الذي رواه ابن مردويه عن أم حبيبة قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " كلام ابن آدم كله عليه لا له إلا ذكر الله عزَّ وجلَّ ؛ أو أمر بمعروف ؛ أو نهي عن منكر " ، وفي الحديث : " ليس الكذاب الذي يصلح بين الناس فينمي خيراً ؛ أو يقول خيراً " ، وقال الإمام أحمد عن أبي الدرداء قال ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " " ألا أخبركم بأفضل من درجة الصيام ، والصلاة ، والصدقة " قالوا بلى يا رسول الله قال : " إصلاح ذات البين " قال : " وفساد ذات البين هي الحالقة " ورواه أبو داود والترمذي ، { وَمَن يَفْعَلْ ذٰلِكَ ٱبْتِغَآءَ مَرْضَاتِ ٱللَّهِ } أي مخلصاً في ذلك محتسباً ثواب ذلك عند الله عزَّ وجلَّ { فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْراً عَظِيماً } أي ثواباً جزيلاً كثيراً واسعاً . وقوله تعالى : { وَمَن يُشَاقِقِ ٱلرَّسُولَ مِن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ ٱلْهُدَىٰ } أي ومن سلك غير طريق الشريعة التي جاء بها الرسول صلى الله عليه وسلم فصار في شق ، والشرع في شق وذلك عن عمد منه ، بعدما ظهر له الحق وتبين له واتضح له ، وقوله : { وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ ٱلْمُؤْمِنِينَ } هذا ملازم للصفة الأولى ، ولكن قد تكون المخالفة لنص الشارع وقد تكون لما اجتمعت عليه الأمة المحمدية ، فيما علم اتفاقهم عليه تحقيقاً ، فإنه قد ضمنت لهم العصمة في اجتماعهم من الخطأ ، تشريفاً لهم وتعظيماً لنبيهم ، وقد وردت أحاديث صحيحة كثيرة في ذلك . ومن العلماء من ادعى تواتر معناها ، والذي عول عليه الشافعي رحمه الله في الاحتجاج على كون الإجماع حجة تحرم مخالفته هذه الآية الكريمة بعد التروي والفكر الطويل ، وهو من أحسن الاستنباطات وأقواها وإن كان بعضهم قد استشكل ذلك فاستبعد الدلالة منها على ذلك ولهذا توعد تعالى على ذلك بقوله : { نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّىٰ وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَآءَتْ مَصِيراً } أي إذا سلك هذه الطريق جازيناه على ذلك بأن نحسنها في صدره ونزينها له استدراجاً له كما قال تعالى : { فَذَرْنِي وَمَن يُكَذِّبُ بِهَـٰذَا ٱلْحَدِيثِ سَنَسْتَدْرِجُهُمْ مِّنْ حَيْثُ لاَ يَعْلَمُونَ } [ القلم : 44 ] . وقال تعالى : { فَلَمَّا زَاغُوۤاْ أَزَاغَ ٱللَّهُ قُلُوبَهُمْ } [ الصف : 5 ] وقوله : { وَنَذَرُهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ } [ الأنعام : 110 ] وجعل النار مصيره في الآخرة لأن من خرج عن الهدى لم يكن له طريق إلا إلى النار يوم القيامة كما قال تعالى : { ٱحْشُرُواْ ٱلَّذِينَ ظَلَمُواْ وَأَزْوَاجَهُمْ } [ الصافات : 22 ] الآية وقال تعالى : { وَرَأَى ٱلْمُجْرِمُونَ ٱلنَّارَ فَظَنُّوۤاْ أَنَّهُمْ مُّوَاقِعُوهَا وَلَمْ يَجِدُواْ عَنْهَا مَصْرِفاً } [ الكهف : 53 ] .