Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 4, Ayat: 1-1)

Tafsir: Muḫtaṣar tafsīr Ibn Kaṯīr

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

يأمر الله تعالى خلقه بتقواه ، وهي عبادته وحده لا شريك له ، ومنبها لهم على قدرته التي خلقهم بها { مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ } وهي آدم عليه السلام { وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا } وهي حواء عليها السلام ، خلقت من ضلعه الأيسر من خلفه وهو نائم فاستيقظ فرآها فأعجبته ، فأنس إليها وأنست إليه . وقال ابن أبي حاتم عن ابن عباس : خلقت المرأة من الرجل فجعلت نهمتها في الرجل ، وخلق الرجل من الأرض فجعلت نهمته في الأرض فاحبسوا نساءكم ، وفي الحديث الصحيح : " إن المرأة خلقت من ضلع ، وإن أعوج شيء في الضلع أعلاه ، فإن ذهبت تقيمه كسرته ، وإن استمتعت بها استمتعت بها وفيها عوج " وقوله : { وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَآءً } أي وذرأ منهما : أي من آدم وحواء رجالاً كثيراً ونساء ، ونشرهم في أقطار العالم على اختلاف أصنافهم وصفاتهم وألوانهم ولغاتهم ، ثم إليه بعد ذلك المعاد والمحشر ، ثم قال تعالى : { وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ ٱلَّذِي تَسَآءَلُونَ بِهِ وَٱلأَرْحَامَ } أي واتقوا الله بطاعتكم إياه ، قال مجاهد والحسن : { ٱلَّذِي تَسَآءَلُونَ بِهِ } أي كما يقال أسألك بالله وبالرحم ، وقال الضحاك : واتقوا الله الذي تعاقدون وتعاهدون به واتقوا الأرحام أن تقطعوها ولكن بروها وصلوها قاله ابن عباس وعكرمة . وقرأ بعضهم : { وَٱلأَرْحَامَ } بالخفض عطفاً على الضمير في ( به ) أي تساءلون بالله وبالأرحام كما قال مجاهد وغيره . وقوله : { إِنَّ ٱللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً } أي هو مراقب لجميع أحوالكم وأعمالكم ، كما قال : { وَٱللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ } [ المجادلة : 6 ، البروج : 9 ] ؛ وفي الحديث الصحيح : " اعبد الله كأنك تراه ، فإن لم تكن تراه فإنه يراك " ، وهذا إرشاد وأمر بمراقبة الرقيب ، ولهذا ذكر تعالى أن أصل الخلق من أب واحد وأم واحدة ، ليعطف بعضهم على بعض ويحثهم على ضعفائهم ، وقد ثبت في " صحيح مسلم " من حديث ( جرير بن عبد الله البجلي ) : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حين قدم عليه أولئك النفر من مضر - وهم مجتابو النِّمار أي من عريهم وفقرهم - قام فخطب الناس بعد صلاة الظهر ، فقال في خطبته : { يٰأَيُّهَا ٱلنَّاسُ ٱتَّقُواْ رَبَّكُمُ ٱلَّذِي خَلَقَكُمْ مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ } حتى ختم الآية ، ثم قال : { يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ ٱتَّقُواْ ٱللَّهَ وَلْتَنظُرْ نَفْسٌ مَّا قَدَّمَتْ لِغَدٍ } [ الحشر : 18 ] ثم حضهم على الصدقة ، فقال : " تصدق رجل من ديناره ، من درهمه ، من صاع بره ، من صاع تمره " وذكر تمام الحديث .