Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 4, Ayat: 33-33)
Tafsir: Muḫtaṣar tafsīr Ibn Kaṯīr
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
وقوله تعالى : { وَلِكُلٍّ جَعَلْنَا مَوَالِيَ } أي ورثة ، وعن ابن عباس في رواية : أي عصبة ، قال ابن جرير : والعرب تسمي ابن العم مولى كما قال الفضل بن عباس : @ مهلاً بني عمنا مهلاً موالينا لا يظهرن بيننا ما كان مدفونا @@ قال : ويعني بقوله : { مِمَّا تَرَكَ ٱلْوَالِدَانِ وَٱلأَقْرَبُونَ } من تركة والديه وأقربيه من الميراث ، فتأويل الكلام : ولكلكم أيها الناس جعلنا عصبة يرثونه مما ترك والداه وأقربوه من ميراثهم له . وقوله تعالى : { وَٱلَّذِينَ عَقَدَتْ أَيْمَانُكُمْ فَآتُوهُمْ نَصِيبَهُمْ } أي والذين تحالفتم بالأيمان المؤكدة أنتم وهم ، فآتوهم نصيبهم من الميراث كما وعدتموهم في الأيمان المغلظة ، إن الله شاهد بينكم في تلك العهود والمعاقدات ، وقد كان هذا في ابتداء الإسلام ، ثم نسخ بعد ذلك ، وأمروا أن يوفوا من عاقدوا ولا ينسوا بعد نزول هذه الآية معاقدة ، قال البخاري عن ابن عباس : { وَلِكُلٍّ جَعَلْنَا مَوَالِيَ } . قال ورثة ، { وَٱلَّذِينَ عَقَدَتْ أَيْمَانُكُمْ } كان المهاجرون لما قدموا المدينة يرث المهاجري الأنصاري دون ذوي رحمه للأخوة التي آخى النبي صلى الله عليه وسلم بينهم فلما نزلت : { وَلِكُلٍّ جَعَلْنَا مَوَالِيَ } نسخت ، ثم قال : { وَٱلَّذِينَ عَقَدَتْ أَيْمَانُكُمْ فَآتُوهُمْ نَصِيبَهُمْ } من النصر والرفادة والنصيحة ، وقد ذهب الميراث ويوصى له . وروى ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قوله : { وَٱلَّذِينَ عَقَدَتْ أَيْمَانُكُمْ } الآية ، قال : كان المهاجرون حين قدموا المدينة يرث المهاجري الأنصاري دون ذوي رحمه بالأخوة التي آخى رسول الله صلى الله عليه وسلم بينهم ، فلما نزلت : { وَلِكُلٍّ جَعَلْنَا مَوَالِيَ مِمَّا تَرَكَ ٱلْوَالِدَانِ وَٱلأَقْرَبُونَ } نسخت ، ثم قال : والذين عقدت أيمانكم فآتوهم نصيبهم . وعن ابن عباس قال ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لا حلف في الإسلام ، وكل حلف كان في الجاهلية فلم يزده الإسلام إلا شدة وما يسرني أن لي حمر النعم ، وأني نقضت الحلف الذي كان في دار الندوة " . وقال محمد بن إسحاق عن ( داود بن الحصين ) قال : كنت أقرأ على أم سعد بنت الربيع مع ابن ابنها ( موسى بن سعد ) وكان يتيماً في حجر أبي بكر ، فقرأت عليها : { والذين عاقدت أيمانكم } فقالت : لا ، ولكن { وَٱلَّذِينَ عَقَدَتْ أَيْمَانُكُمْ } قالت : إنما نزلت في أبي بكر وابنه عبد الرحمٰن حين أبى أن يسلم فحلف أبو بكر أن لا يورثه ، فلما أسلم حين حمل على الإسلام بالسيف ، أمر الله أن يورثه نصيبه ، والصحيح الأول ، وأن هذا كان في ابتداء الإسلام ، يتوارثون بالحلف ثم نسخ وبقي تأثير الحلف بعد ذلك ، وإن كانوا قد أمروا أن يوفوا بالعهود والعقود ، والحلف الذي كانوا قد تعاقدوه قبل ذلك . وهذا نص في الرد على من ذهب إلى التوارث بالحلف اليوم ، كما هو مذهب أبو حنيفة وأصحابه ، ورواية عن أحمد بن حنبل ، والصحيح قول الجمهور ( مالك والشافعي وأحمد ) في المشهور عنه ، ولهذا قال تعالى : { وَلِكُلٍّ جَعَلْنَا مَوَالِيَ مِمَّا تَرَكَ ٱلْوَالِدَانِ وَٱلأَقْرَبُونَ } ، أي ورثة من قراباته من أبويه وأقربيه ، وهم يرثونه دون سائر الناس كما ثبت في الصحيحين عن ابن عباس ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " ألحقوا الفرائض بأهلها فما بقي فلأولى رجل ذكر " أي اقسموا الميراث على أصحاب الفرائض الذين ذكرهم الله في آيتي الفرائض ، فما بقي بعد ذلك فأعطوه للعصبة ، وقوله : { وَٱلَّذِينَ عَقَدَتْ أَيْمَانُكُمْ } أي قبل نزول هذه الآية فآتوهم نصيبهم أي من الميراث ، فأيما حلف عقد بعد ذلك فلا تأثير له ، وقد قيل : إن هذه الآية نسخت الحلف في المستقبل وحكم الحلف الماضي أيضاً فلا توارث به ، كما قال ابن عباس { فَآتُوهُمْ نَصِيبَهُمْ } قال : من النصرة والنصيحة والرفادة ، وقال سعيد بن جبير : { فَآتُوهُمْ نَصِيبَهُمْ } أي من الميراث ، وقد اختار ابن جرير أن المراد بقوله : { فَآتُوهُمْ نَصِيبَهُمْ } أي من النصرة والنصيحة والمعونة ، لا أن المراد فآتوهم نصيبهم من الميراث حتى تكون الآية منسوخة ، ولا أن ذلك كان حكماً ثم نسخ ، بل إنما دلت الآية على الوفاء بالحلف المعقود على النصرة والنصيحة فقط ، فهي ( محكمة ) لا ( منسوخة ) وهذا الذي قال فيه نظر ، فإن من الحلف ما كان على المناصرة والمعاونة ، ومنه ما كان على الإرث كما حكاه غير واحد من السلف ، وكما قال ابن عباس كان المهاجري يرث الأنصاري دون قراباته وذوي رحمه ، حتى نسخ ذلك فكيف يقولون إن هذه الآية محكمة غير منسوخة ؟ والله أعلم .