Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 4, Ayat: 64-65)
Tafsir: Muḫtaṣar tafsīr Ibn Kaṯīr
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
يقول تعالى : { وَمَآ أَرْسَلْنَا مِن رَّسُولٍ إِلاَّ لِيُطَاعَ } أي فرضت طاعته على من أرسله إليهم ، وقوله : { بِإِذْنِ ٱللَّهِ } قال مجاهد : أي لا يطيع أحد إلى بإذني يعني لا يطيعه إلا من وفقته لذلك ، كقوله : { وَلَقَدْ صَدَقَكُمُ ٱللَّهُ وَعْدَهُ إِذْ تَحُسُّونَهُمْ بِإِذْنِهِ } [ آل عمران : 152 ] أي عن أمره وقدره ومشيئته وتسليطه إياكم عليهم ، وقوله : { وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذ ظَّلَمُوۤاْ أَنْفُسَهُمْ } الآية ، يرشد تعالى العصاة والمذنبين إذا وقع منهم الخطأ والعصيان أن يأتوا إلى الرسول صلى الله عليه وسلم فيستغفروا الله عنده ويسألوه أن يستغفر لهم ، فإنهم إذا فعلوا ذلك تاب الله عليهم ورحمهم وغفر لهم ، ولهذا قال : { لَوَجَدُواْ ٱللَّهَ تَوَّاباً رَّحِيماً } وقد ذكر جماعة منهم الشيخ أبو منصور الصباغ في كتابه " الشامل " الحكاية المشهورة عن العتبي قال : كنت جالساً عند قبر النبي صلى الله عليه وسلم فجاء أعرابي فقال : السلام عليك يا رسول الله ، سمعت الله يقول : { وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذ ظَّلَمُوۤاْ أَنْفُسَهُمْ جَآءُوكَ فَٱسْتَغْفَرُواْ ٱللَّهَ وَٱسْتَغْفَرَ لَهُمُ ٱلرَّسُولُ لَوَجَدُواْ ٱللَّهَ تَوَّاباً رَّحِيماً } ، وقد جئتك مستغفراً لذنبي مستشفعاً بك إلى ربي ، ثم أنشأ يقول : @ يا خير من دفنت بالقاع أعظمه فطاب من طيبهن القاع والأكم نفسي الفداء لقبرٍ أنت ساكنه فيه العفاف وفيه الجود والكرم @@ ثم انصرف الأعرابي ، فغلبتني عيني فرأيت النبي صلى الله عليه وسلم في النوم فقال : " يا عتبي الحق الأعرابي فبشره أن الله قد غفر له " . وقوله تعالى : { فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّىٰ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ } ، يقسم تعالى بنفسه الكريمة المقدسة ، أنه لا يؤمن أحد حتى يحكم الرسول صلى الله عليه وسلم في جميع الأمور ، فما حكم به فهو الحق الذي يجب الانقياد له باطناً وظاهراً ، ولهذا قال : { ثُمَّ لاَ يَجِدُواْ فِيۤ أَنْفُسِهِمْ حَرَجاً مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُواْ تَسْلِيماً } أي إذا حكموك يطيعونك في بواطنهم ، فلا يجدون في أنفسهم حرجاً مما حكمت به ، وينقادون له في الظاهر والباطن فيسلمون لذلك تسليماً كلياً ، من غير ممانعة ولا مدافعة ولا منازعة ، كما ورد في الحديث : " والذي نفسي بيده لا يؤمن أحدكم حتى يكون هواه تبعاً لما جئت به " ، وقال البخاري عن عروة ، قال : " خاصم الزبير رجلاً في شراج الحرة ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم " اسق يا زبير ثم أرسل الماء إلى جارك " فقال الأنصاري : يا رسول الله أن كان ابن عمتك ؟ فتلوَّن وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ثم قال : " اسق يا زبير ثم احبس الماء حتى يرجع إلى الجَدْر ثم أرسل الماء إلى جارك " فاستوعى النبي صلى الله عليه وسلم للزبير حقه في صريح الحكم حين أحفظه الأنصاري ، وكان أشار عليهما صلى الله عليه وسلم بأمر لهما فيه سعة ، قال الزبير : فما أحسب هذه الآية إلا نزلت في ذلك { فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّىٰ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ } الآية . وقال الحافظ أبو بكر بن مردويه : خاصم الزبير رجلاً إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقضى للزبير ، فقال الرجل : إنما قضى له لأنه ابن عمته ، فنزلت : { فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ } الآية .