Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 4, Ayat: 95-96)
Tafsir: Muḫtaṣar tafsīr Ibn Kaṯīr
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قال البخاري عن البراء قال : لما نزلت { لاَّ يَسْتَوِي ٱلْقَاعِدُونَ مِنَ ٱلْمُؤْمِنِينَ } دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم زيداً فكتبها ، فجاء ابن أم مكتوم فشكا ضرارته ، فأنزل الله { غَيْرُ أُوْلِي ٱلضَّرَرِ } وقال البخاري أيضاً عن سهل بن سعد الساعدي : أنه رأى مروان بن الحكم في المسجد قال : فأقبلت حتى جلست إلى جنبه ، فأخبرنا أن زيد بن ثابت أخبره أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أملي عليَّ : { لا يستوي القاعدون من المؤمنين والمجاهدون في سبيل الله } ، فجاءه ابن أم مكتوم وهو يمليها عليَّ ، قال يا رسول الله : والله لو أستطيع الجهاد لجاهدت وكان أعمى ، فأنزل الله على رسوله صلى الله عليه وسلم وكان فخذه على فخذي فثقلت عليَّ حتى خفت أن تُرضَّ فخذي ثم سري عنه فأنزل الله : { غَيْرُ أُوْلِي ٱلضَّرَرِ } . وعن ابن عباس قال : { لاَّ يَسْتَوِي ٱلْقَاعِدُونَ مِنَ ٱلْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُوْلِي ٱلضَّرَرِ } ، عن بدر والخارجون إلى بدر ، ولما نزلت غزوة بدر قال عبد الله بن جحش وابن أم مكتوم : إنا أعميان يا رسول الله فهل لنا رخصة ؟ فنزلت : { لاَّ يَسْتَوِي ٱلْقَاعِدُونَ مِنَ ٱلْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُوْلِي ٱلضَّرَرِ } وفضل الله المجاهدين على القاعدين درجة فهؤلاء القاعدون غير أولي الضرر { وَفَضَّلَ ٱللَّهُ ٱلْمُجَاهِدِينَ عَلَى ٱلْقَاعِدِينَ أَجْراً عَظِيماً * دَرَجَاتٍ مِّنْهُ } على القاعدون من المؤمنين غير أولي الضرر . فقوله : { لاَّ يَسْتَوِي ٱلْقَاعِدُونَ مِنَ ٱلْمُؤْمِنِينَ } كان مطلقاً فلما نزل بوحي سريع { غَيْرُ أُوْلِي ٱلضَّرَرِ } صار ذلك مخرجاً لذوي الأعذار المبيحة لترك الجهاد من العمى والعرج والمرض عن مساواتهم للمجاهدين في سبيل الله بأموالهم وأنفسهم . ثم أخبر تعالى بفضيلة المجاهدين على القاعدين قال ابن عباس : { غَيْرُ أُوْلِي ٱلضَّرَرِ } وكذا ينبغي أن يكون كما ثبت في صحيح البخاري عن أنس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " إن بالمدينة أقواماً ما سرتم من مسير ولا قطعتم من واد إلا وهم معكم فيه قالوا : وهم بالمدينة يا رسول الله ؟ قال : نعم حبسهم العذر " وفي رواية عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " " لقد تركتم بالمدينة أقواماً ما سرتم من مسير ولا أنفقتم من نفقة ولا قطعتم من واد إلا وهم معكم فيه " قالوا : وكيف يكونون معنا فيه يا رسول الله ؟ قال : " نعم حبسهم العذر " قال الشاعر في هذا المعنى : @ يا راحلين إلى البيت العتيق لقد سرتم جسوما وسرنا نحن أرواحا إنا أقمنا على عذر وعن قدر ومن أقام على عذر فقد راحا @@ وقوله تعالى : { وَكُـلاًّ وَعَدَ ٱللَّهُ ٱلْحُسْنَىٰ } أي الجنة والجزاء الجزيل ، وفيه دلالة على أن الجهاد ليس بفرض عين بل هو فرض على الكفاية ، قال تعالى : { وَفَضَّلَ ٱللَّهُ ٱلْمُجَاهِدِينَ عَلَى ٱلْقَاعِدِينَ أَجْراً عَظِيماً } ثم أخبر سبحانه بما فضلهم به من الدرجات ، في غرف الجنات العاليات ، ومغفرة الذنوب والزلات ، وأحوال الرحمة والبركات ، إحساناً منه وتكريماً ولهذا قال : { دَرَجَاتٍ مِّنْهُ وَمَغْفِرَةً وَرَحْمَةً وَكَانَ ٱللَّهُ غَفُوراً رَّحِيماً } . وقد ثبت في الصحيحين عن أبي سعيد الخدري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " إن في الجنة مائة درجة أعدها الله للمجاهدين في سبيله ، ما بين كل درجتين كما بين السماء والأرض " .