Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 40, Ayat: 1-3)

Tafsir: Muḫtaṣar tafsīr Ibn Kaṯīr

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

أما الكلام على الحروف المقطعة فقد تقدم في أول سورة البقرة بما أغنى عن إعادته هٰهنا . وقوله تعالى : { تَنزِيلُ ٱلْكِتَابِ مِنَ ٱللَّهِ ٱلْعَزِيزِ ٱلْعَلِيمِ } ، أي تنزيل هذا الكتاب وهو القرآن من الله ذي العزة والعلم فلا يرام جنابه ، ولا يخفى عليه الذَّر وإن تكاثف حجابه ، وقوله عزّ وجلّ : { غَافِرِ ٱلذَّنبِ وَقَابِلِ ٱلتَّوْبِ } أي يغفر ما سلف من الذنب ويقبل التوبة في المستقبل لمن تاب إليه ، وخضع لديه ، وقوله جل وعلا { شَدِيدِ ٱلْعِقَابِ } أي لمن تمرد وطغى ، وآثر الحياة الدنيا ، وعتا عن أوامر الله تعالى وبغى ، وهذه كقوله : { نَبِّىءْ عِبَادِي أَنِّي أَنَا ٱلْغَفُورُ ٱلرَّحِيمُ * وَأَنَّ عَذَابِي هُوَ ٱلْعَذَابُ ٱلأَلِيمُ } [ الحجر : 49 - 50 ] يقرن هذين الوصفين كثيراً في مواضع متعددة من القرآن ليبقى العبد بين الرجاء والخوف ، وقوله تعالى : { ذِي ٱلطَّوْلِ } قال ابن عباس : يعني السعة والغنى ، وقال يزيد بن الأصم { ذِي ٱلطَّوْلِ } يعني الخير الكثير ، وقال عكرمة : ذي المن ، وقال قتادة : ذي النعم والفواضل ، والمعنى أنه المتفضل على عباده ، المتطول عليهم بما هم فيه من المنن والإنعام التي لا يطيقون القيام بشكر واحدة منها ، { وَإِن تَعُدُّواْ نِعْمَتَ ٱللَّهِ لاَ تُحْصُوهَا } [ إبراهيم : 34 ] الآية ، وقوله جلت عظمته : { لاَ إِلَـٰهَ إِلاَّ هُوَ } أي لا نظير له في جميع صفاته فلا إلٰه غيره ولا رب سواه ، { إِلَيْهِ ٱلْمَصِيرُ } أي المرجع والمآب ، فيجازي كل عامل بعمله ، وقال أبو بكر بن عياش : جاء رجل إلى عمر بن الخطّاب رضي الله عنه ، فقال : يا أمير المؤمنين إني قتلت فهل لي من توبة ؟ فقرأ عمر رضي الله عنه : { حـمۤ * تَنزِيلُ ٱلْكِتَابِ مِنَ ٱللَّهِ ٱلْعَزِيزِ ٱلْعَلِيمِ * غَافِرِ ٱلذَّنبِ وَقَابِلِ ٱلتَّوْبِ شَدِيدِ ٱلْعِقَابِ } ، وقال : اعمل ولا تيأس ، وعن يزيد بن الأصم قال : كان رجل من أهل الشام ذو بأس ، وكان يفد إلى عمر بن الخطاب رضي الله عنه ، ففقده عمر فقال : ما فعل فلان ابن فلان ؟ فقالوا : يا أمير المؤمنين تتابع في هذا الشراب ، قال ، فدعا عمر كاتبه ، فقال : اكتب " من عمر بن الخطّاب إلى فلان ابن فلان : سلام عليك ، فإني أحمد إليك الله الذي لا إلٰه إلا هو غافر الذنب وقابل التوب شديد العقاب ذي الطول ، لا إلٰه إلا هو إليه المصير " ، ثم قال لأصحابه : ادعوا الله لأخيكم أن يقبل بقلبه ويتوب الله عليه ، فلما بلغ الرجل كتاب عمر رضي الله عنه جعل يقرأه ويردّده ويقول : غافر الذنب ، وقابل التوب شديد العقاب ، قد حذرني عقوبته ووعدني أن يغفر لي ، فلم يزل يرددها على نفسه ، ثم بكى ، ثم نزع فأحسن النزع ، فلما بلغ عمر خبره قال : هكذا فاصنعوا إذا رأيتم أخاً لكم زل زلة فسدّدوه ووثقوه ، وادعوا الله له أن يتوب عليه ، ولا تكونوا أعواناً للشيطان عليه .