Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 40, Ayat: 30-35)

Tafsir: Muḫtaṣar tafsīr Ibn Kaṯīr

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

هذا إخبار من الله عزّ وجلّ عن هذا الرجل الصالح ( مؤمن آل فرعون ) أنه حذر قومه بأس الله تعالى في الدنيا والآخرة ، فقال : { يٰقَوْمِ إِنِّيۤ أَخَافُ عَلَيْكُمْ مِّثْلَ يَوْمِ ٱلأَحْزَابِ } أي الذين كذبوا رسل الله في قديم الدهر كقوم نوح وعاد وثمود والذين من بعدهم من الأمم المكذبة ، كيف حل بهم بأس الله وما رده عنهم راد ولا صده عنهم صاد { وَمَا ٱللَّهُ يُرِيدُ ظُلْماً لِّلْعِبَادِ } ، أي إنما أهلكهم الله تعالى بذنوبهم وتكذيبهم رسله ومخالفتهم أمره ، فأنفذ فيهم قدره ، ثم قال : { وَيٰقَوْمِ إِنِّيۤ أَخَافُ عَلَيْكُمْ يَوْمَ ٱلتَّنَادِ } يعني يوم القيامة ، وسمي بذلك لما جاء في حديث الصور إن الأرض إذا زلزلت وانشقت من قطر إلى قطر ، وماجت وارتجت ، فنظر الناس إلى ذلك ذهبوا هاربين ينادي بعضهم بعضاً ، وقال الضحاك : بل ذلك إذا جيء بجهنم ذهب الناس هراباً منهم ، فتتلقاهم الملائكة فتردهم إلى مقام المحشر وهو قوله تعالى : { وَٱلْمَلَكُ عَلَىٰ أَرْجَآئِهَآ } [ الحاقة : 17 ] ، وقيل : لأن الميزان عنده ملك إذا وزن عمل العبد فرجح نادى بأعلى صوته ، ألا قد سعد فلان بن فلان سعادة لا يشقى بعدها أبداً ، وإن خف عمله نادى ألا قد شقي فلان بن فلان ، وقيل : سمي بذلك لمناداة أهل الجنة أهل النار { أَن قَدْ وَجَدْنَا مَا وَعَدَنَا رَبُّنَا حَقّاً فَهَلْ وَجَدتُّم مَّا وَعَدَ رَبُّكُمْ حَقّاً قَالُواْ نَعَمْ } [ الأعراف : 44 ] ، ومناداة أهل النار أهل الجنة { أَنْ أَفِيضُواْ عَلَيْنَا مِنَ ٱلْمَآءِ أَوْ مِمَّا رَزَقَكُمُ ٱللَّهُ قَالُوۤاْ إِنَّ ٱللَّهَ حَرَّمَهُمَا عَلَى ٱلْكَافِرِينَ } [ الأعراف : 50 ] ، ولمناداة أصحاب الأعراف أهل الجنة ، وأهل النار كما هو مذكور في سورة الأعراف ، واختار البغوي وغيره أنه سمي بذلك لمجموع ذلك ، وهو قول حسن جيد ، والله أعلم . وقوله تعالى : { يَوْمَ تُوَلُّونَ مُدْبِرِينَ } أي ذاهبين هاربين ، { مَا لَكُمْ مِّنَ ٱللَّهِ مِنْ عَاصِمٍ } أي لا مانع يمنعكم من بأس الله وعذابه { وَمَن يُضْلِلِ ٱللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ } أي من أضله الله فلا هادي له غيره ، وقوله تبارك وتعالى : { وَلَقَدْ جَآءَكُـمْ يُوسُفُ مِن قَبْلُ بِٱلْبَيِّنَاتِ } يعني أهل مصر قد بعث الله فيهم رسولاً من قبل موسى عليه الصلاة والسلام وهو ( يوسف ) عليه الصلاة والسلام كان عزيز أهل مصر ، وكان رسولاً يدعو إلى الله تعالى أمته بالقسط ، فما أطاعوه تلك الطاعة إلا بمجرد الوزارة والجاه الدنيوي ، ولهذا قال تعالى : { فَمَا زِلْتُمْ فِي شَكٍّ مِّمَّا جَآءَكُـمْ بِهِ حَتَّىٰ إِذَا هَلَكَ قُلْتُمْ لَن يَبْعَثَ ٱللَّهُ مِن بَعْدِهِ رَسُولاً } أي يئستم فقلتم طامعين { لَن يَبْعَثَ ٱللَّهُ مِن بَعْدِهِ رَسُولاً } وذلك لكفرهم وتكذيبهم ، { كَذَلِكَ يُضِلُّ ٱللَّهُ مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ مُّرْتَابٌ } أي كحالكم هذا يكون حال من يضله الله لإسرافه في أفعاله وارتياب قلبه ، ثم قال عزّ وجلّ : { ٱلَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِيۤ آيَاتِ ٱللَّهِ بِغَيْرِ سُلْطَانٍ أَتَاهُمْ } أي الذين يدفعون الحق بالباطل ويجادلون الحجج بغير دليل وحجة معهم من الله تعالى ، فإن الله عزّ وجلّ يمقت على ذلك أشد المقت ، ولهذا قال تعالى : { كَبُرَ مَقْتاً عِندَ ٱللَّهِ وَعِندَ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ } أي والمؤمنون أيضاً يبغضون من تكون هذه صفته ، فإن من كانت هذه صفته يطبع الله على قلبه ، فلا يعرف بعد ذلك معروفاً ولا ينكر منكراً ، ولهذا قال تبارك وتعالى { كَذَلِكَ يَطْبَعُ ٱللَّهُ عَلَىٰ كُـلِّ قَلْبِ مُتَكَبِّرٍ } أي على اتباع الحق { جَبَّارٍ } قال قتادة : آية الجبابرة القتل بغير حق ، والله تعالى أعلم .