Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 42, Ayat: 19-22)
Tafsir: Muḫtaṣar tafsīr Ibn Kaṯīr
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
يقول تعالى مخبراً عن لطفه بخلقه في رزقه إياهم سواء منهم البر والفاجر ، كقوله عزّ وجلّ : { وَمَا مِن دَآبَّةٍ فِي ٱلأَرْضِ إِلاَّ عَلَى ٱللَّهِ رِزْقُهَا } [ هود : 6 ] الآية ، وقوله جلا وعلا : { يَرْزُقُ مَن يَشَآءُ } أي يوسع على من يشاء { وَهُوَ ٱلْقَوِيُّ ٱلْعَزِيزُ } أي لا يعجزه شيء ، ثم قال تعالى : { مَن كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ ٱلآخِرَةِ } أي عمل الآخرة { نَزِدْ لَهُ فِي حَرْثِهِ } أي نقويه ونعينه على ما هو بصدده ، ونجزيه بالحسنة عشرة أمثالها ، إلى سبعمائة ضعف ، إلى ما يشاء الله ، { وَمَن كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ ٱلدُّنْيَا نُؤْتِهِ مِنْهَا وَمَا لَهُ فِي ٱلآخِرَةِ مِن نَّصِيبٍ } أي ومن كان سعيه ليحصل له شيء من الدنيا ، وليس له إلى الآخرة هم بالكلية ، حرمه الله الآخرة وفاز بالصفقة الخاسرة في الدنيا والآخرة ، كقوله تبارك وتعالى : { مَّن كَانَ يُرِيدُ ٱلْعَاجِلَةَ عَجَّلْنَا لَهُ فِيهَا مَا نَشَآءُ لِمَن نُّرِيدُ ثُمَّ جَعَلْنَا لَهُ جَهَنَّمَ يَصْلاهَا مَذْمُوماً مَّدْحُوراً } [ الإسراء : 18 ] ، وفي الحديث : " بشر هذه الأمة بالسناء والرفعة والنصر ، والتمكين في الأرض ، فمن عمل منهم عمل الآخرة للدنيا لم يكن له في الآخرة من نصيب " وقوله جل وعلا : { أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُواْ لَهُمْ مِّنَ ٱلدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَن بِهِ ٱللَّهُ } أي هم لا يتبعون ما شرع الله لك من الدين القويم ، بل يتبعون ما شرع لهم شياطينهم من الجن والإنس ، من تحريم ما حرموا عليهم من البحيرة والسائبة والوصيلة والحام ، وتحليل أكل الميتة والدم والقمار ، إلى نحو ذلك من الضلالات والجهالات الباطلة ، وقد ثبت في الصحيح أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ؛ " رأيت عمرو بن لحي يجر قصبه في النار " ، لأنه أول من سيّب السوائب ، وكان هذا الرجل أحد ملوك خزاعة ، وهو أول من فعل هذه الأشياء ، وهو الذي حمل قريشاً على عبادة الأصنام لعنه الله وقبحه ، ولهذا قال تعالى : { وَلَوْلاَ كَلِمَةُ ٱلْفَصْلِ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ } أي لعوجلوا بالعقوبة لولا ما تقدم من الإنظار إلى يوم المعاد ، { وَإِنَّ ٱلظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ } أي شديد موجع في جهنم وبئس المصير ، ثم قال تعالى : { تَرَى ٱلظَّالِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا كَسَبُواْ } أي في عرصات القيامة { وَهُوَ وَاقِعٌ بِهِمْ } أي الذي يخافون منه واقع بهم لا محالة ، هذا حالهم يوم معادهم { وَٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ فِي رَوْضَاتِ ٱلْجَنَّاتِ لَهُمْ مَّا يَشَآءُونَ عِندَ رَبِّهِمْ } فأين هذا من هذا ؟ أين من هو في الذل والهوان ، ممن هو في روضات الجنان ، فيما يشاء من مآكل ومشارب وملاذ ، مما لا عين رأت ، ولا أذن سمعت ، ولا خطر على قلب بشر ؟ ولهذا قال تعالى : { ذَلِكَ هُوَ ٱلْفَضْلُ ٱلْكَبِيرُ } أي الفوز العظيم والنعمة التامة ، الشاملة العامة .