Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 42, Ayat: 25-28)
Tafsir: Muḫtaṣar tafsīr Ibn Kaṯīr
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
يقول تعالى ممتناً على عباده بقبول توبتهم إذا تابوا ورجعوا إليه ، أنه من كرمه وحلمه يعفو ويصفح ، ويستر ويغفر ، كقوله عزّ وجلّ : { وَمَن يَعْمَلْ سُوۤءاً أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ ٱللَّهَ يَجِدِ ٱللَّهَ غَفُوراً رَّحِيماً } [ النساء : 110 ] ، وقد ثبت في " صحيح مسلم " ، عن أنَس بن مالك قال : " قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لَلَّهُ تعالى أشد فرحاً بتوبة عبده حين يتوب إليه من أحدكم كانت راحلته بأرض فلاة ، فانفلتت منه وعليها طعامه وشرابه فأيس منها ، فأتى شجرة فاضطجع في ظلها وقد أيس من راحلته ، فبينما هو كذلك إذ هو بها قائمة عنده ، فأخذ بخطامها ، ثم قال من شدة الفرح : اللهم أنت عبدي وأبا ربك ، أخطأ من شدة الفرح " " ، وقوله عزّ وجلّ : { وَيَعْفُواْ عَنِ ٱلسَّيِّئَاتِ } أي يقبل التوبة في المستقبل ويعفو عن السيئات في الماضي ، { وَيَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ } أي هو عالم بجميع ما فعلتم وصنعتم وقلتم ، ومع هذا يتوب على من تاب إليه ، وقوله تعالى : { وَيَسْتَجِيبُ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ } قال السدي : يعني يستجيب لهم ، أي الدعاء لأنفسهم ولأصحابهم وإخوانهم ، { وَيَزِيدُهُم مِّن فَضْلِهِ } أي يستجيب دعاءهم ويزيدهم فوق ذلك ، حدثنا محمد بن المصفى ، حدثنا بقية ، حدثنا إسماعيل بن عبد الله الكِنْدي ، حدثنا الأعمش عن شقيق عن عبد الله رضي الله عنه قال : " قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " في قوله تعالى : { وَيَزِيدُهُم مِّن فَضْلِهِ } قيل : الشفاعة لمن وجبت له النار ممن صنع إليهم معروفاً في الدنيا " " وقال إبراهيم النخعي في قوله عزّ وجلّ : { وَيَسْتَجِيبُ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ } قال : يشفعون في إخوانهم ، { وَيَزِيدُهُم مِّن فَضْلِهِ } ، قال : يشفعون في إخوان إخوانهم ، وقوله عزّ وجلّ : { وَٱلْكَافِرُونَ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ } لما ذكر المؤمنين وما لهم من الثواب الجزيل ذكر الكافرين وما لهم عنده يوم القيامة من العذاب الشديد الموجع المؤلم يوم معادهم وحسابهم . وقوله تعالى : { وَلَوْ بَسَطَ ٱللَّهُ ٱلرِّزْقَ لِعِبَادِهِ لَبَغَوْاْ فِي ٱلأَرْضِ } أي لو أعطاهم فوق حاجتهم من الرزق لحملهم ذلك على البغي والطغيان ، من بعضهم على بعض أشراً وبطراً ، وقال قتادة : وكان يقال خير العيش ما لا يلهيك ولا يطغيك ، وذكر قتادة حديث : " إنما أخاف عليكم ما يخرج الله تعالى من زهرة الحياة الدنيا " ، وقوله عزّ وجلّ : { وَلَـٰكِن يُنَزِّلُ بِقَدَرٍ مَّا يَشَآءُ إِنَّهُ بِعِبَادِهِ خَبِيرٌ بَصِيرٌ } أي ولكن يرزقهم من الرزق ما يختاره مما فيه صلاحهم وهو أعلم بذلك ، فيغني من يستحق الغنى ، ويفقر من يستحق الفقر ، كما جاء في الحديث المروي : " إن من عبادي من لا يصلحه إلا الغنى ولو أفقرته لأفسدت عليه دينه ، وإن من عبادي من لا يصلحه إلا الفقر ولو أغنيته لأفسدت عليه دينه " وقوله تعالى : { وَهُوَ ٱلَّذِي يُنَزِّلُ ٱلْغَيْثَ مِن بَعْدِ مَا قَنَطُواْ } ، أي من بعد يأس الناس من نزول المطر ، ينزله عليهم في وقت حاجتهم وفقرهم إليه ، كقوله عزّ وجلّ : { وَإِن كَانُواْ مِن قَبْلِ أَن يُنَزَّلَ عَلَيْهِمْ مِّن قَبْلِهِ لَمُبْلِسِينَ } [ الروم : 49 ] وقوله جلّ جلاله : { وَيَنشُرُ رَحْمَتَهُ } أي يعم بها الوجود على أهل ذلك القطر وتلك الناحية ، قال قتادة : ذكر لنا أن رجلاً قال لعمر بن الخطاب رضي الله عنه : يا أمير المؤمنين قحط المطر ، وقنط الناس ، فقال عمر رضي الله عنه : مطرتم ، ثم قرأ : { وَهُوَ ٱلَّذِي يُنَزِّلُ ٱلْغَيْثَ مِن بَعْدِ مَا قَنَطُواْ وَهُوَ ٱلْوَلِيُّ ٱلْحَمِيدُ } أي هو المتصرف لخلقه بما ينفعهم في دنياهم وأخراهم ، وهو المحمود العاقبة في جميع ما يقدره ويفعله .