Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 42, Ayat: 36-39)

Tafsir: Muḫtaṣar tafsīr Ibn Kaṯīr

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

يقول تعالى محقراً لشأن الحياة الدنيا وزينتها ، وما فيها من الزهرة والنعيم الفاني بقوله تعالى : { فَمَآ أُوتِيتُمْ مِّن شَيْءٍ فَمَتَاعُ ٱلْحَيَاةِ ٱلدُّنْيَا } أي مهما حصلتم وجمعتم فلا تغتروا به ، فإنما هو متاع الحياة الدنيا ، وهي دار دنيئة فانية زائلة لا محالة ، { وَمَا عِندَ ٱللَّهِ خَيْرٌ وَأَبْقَىٰ } أي وثواب الله تعالى خير من الدنيا وهو باق سرمدي ، فلا تقدموا الفاني على الباقي ، ولهذا قال تعالى : { لِلَّذِينَ آمَنُواْ } أي للذين صبروا على ترك الملاذ في الدنيا { وَعَلَىٰ رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ } أي ليعينهم على الصبر في أداء الواجبات وترك المحرمات . ثم قال تعالى : { وَٱلَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ ٱلإِثْمِ وَٱلْفَوَاحِشَ } وقد قدمنا الكلام على الإثم والفواحش في سورة الأعراف ، { وَإِذَا مَا غَضِبُواْ هُمْ يَغْفِرُونَ } أي سجيتهم تقتضي الصفح والعفو عن الناس ، وقد ثبت في الصحيح : " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ما انتقم لنفسه قط إلا أن تنتهك حرمات الله " وفي حديث آخر كان يقول لأحدنا عند المعتبة : " ما له تربت يمينه " ، وقوله عزّ وجلّ : { وَٱلَّذِينَ ٱسْتَجَابُواْ لِرَبِّهِمْ } أي اتبعوا رسله وأطاعوا أمره واجتنبوا زجره ، { وَأَقَامُواْ ٱلصَّلاَةَ } وهي أعظم العبادات لله عزّ وجلّ ، { وَأَمْرُهُمْ شُورَىٰ بَيْنَهُمْ } أي لا يبرمون أمراً حتى يتشاوروا فيه ، ليتساعدوا بآرائهم في مثل الحروب وما جرى مجراها ، كما قال تبارك وتعالى : { وَشَاوِرْهُمْ فِي ٱلأَمْرِ } [ آل عمران : 159 ] الآية ، ولهذا كان صلى الله عليه وسلم يشاورهم في الحروب ونحوها ليطيب بذلك ، قلوبهم ، { وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ } وذلك بالإحسان إلى خلق الله الأقرب إليهم منهم فالأقرب ، وقوله عزّ وجلّ : { وَٱلَّذِينَ إِذَآ أَصَابَهُمُ ٱلْبَغْيُ هُمْ يَنتَصِرُونَ } أي فيهم قوة الانتصار ممن ظلمهم واعتدى عليهم ، ليسوا بالعاجزين ولا الأذلين ، بل يقدرون على الانتقام ممن بغى عليهم ، وإن كانوا مع هذا إذا قدروا عفوا ، كما عفا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أولئك النفر الثمانين الذين قصدوه عام الحديبية ، وكذلك عفوه صلى الله عليه وسلم عن ( غورث بن الحارث ) الذي أراد الفتك به حين اخترط سيفه وهو نائم ، وكذلك عفا صلى الله عليه وسلم عن ( لبيد بن الأعصم ) الذي سحره عليه السلام ، ومع هذا لم يعرض له ولا عاتبه مع قدرته عليه ؛ والأحاديث والآثار في هذا كثيرة جداً والله سبحانه وتعالى أعلم .