Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 42, Ayat: 7-8)

Tafsir: Muḫtaṣar tafsīr Ibn Kaṯīr

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

يقول تعالى : وكما أوحينا إلى الأنبياء قبلك { أَوْحَيْنَآ إِلَيْكَ قُرْآناً عَرَبِيّاً } أي واضحاً جلياً بيِّناً { لِّتُنذِرَ أُمَّ ٱلْقُرَىٰ } وهي مكة ، { وَمَنْ حَوْلَهَا } أي من سائر البلاد شرقاً وغرباً ، وسميت مكة ( أم القرى ) لأنها أشرف من سائر البلاد لأدلة كثيرة منها قول رسول الله صلى الله عليه وسلم : " والله إنك لخير أرض الله ، وأحب أرض الله إلى الله ، ولولا أني أخرجت منك ما خرجت " وقوله عزّ وجلّ : { وَتُنذِرَ يَوْمَ ٱلْجَمْعِ } وهو يوم القيامة يجمع الله الأولين والآخرين في صعيد واحد ، وقوله تعالى : { لاَ رَيْبَ فِيهِ } أي لا شك في وقوعه وأنه كائن لا محالة ، { فَرِيقٌ فِي ٱلْجَنَّةِ وَفَرِيقٌ فِي ٱلسَّعِيرِ } ، كقوله تعالى : { يَوْمَ يَجْمَعُكُمْ لِيَوْمِ ٱلْجَمْعِ ذَلِكَ يَوْمُ ٱلتَّغَابُنِ } [ التغابن : 9 ] أي يغبن أهل الجنة أهل النار ، وكقوله عزّ وجل : { يَوْمَ يَأْتِ لاَ تَكَلَّمُ نَفْسٌ إِلاَّ بِإِذْنِهِ فَمِنْهُمْ شَقِيٌّ وَسَعِيدٌ } [ هود : 105 ] . روى الإمام أحمد ، عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما قال : " خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم وفي يده كتابان ، فقال : " أتدرون ما هذان الكتابان " ؟ قلنا : لا ، إلا أن تخبرنا يا رسول الله ، قال صلى الله عليه وسلم للذي في يمينه : هذا كتاب من رب العالمين بأسماء أهل الجنة وأسماء آبائهم وقبائلهم ، ثم أجمل على آخرهم لا يزاد فيهم ولا ينقص منهم أبداً ، ثم قال صلى الله عليه وسلم للذي في يساره : " هذا كتاب أهل النار بأسمائهم وأسماء آبائهم وقبائلهم " ، ثم أجمل على آخرهم لا يزاد فيهم ولا ينقص منهم أبداً ، فقال أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم : فلأي شيء نعمل إن كان هذا أمر قد فرغ منه ؟ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " سدّدوا وقاربوا ، فإن صاحب الجنة يختم له بعمل أهل الجنة وإن عمل أي عمل ، وإن صاحب النار يختم له بعمل أهل النار وإن عمل أي عمل " ، ثم قال صلى الله عليه وسلم بيده فقبضها ، ثم قال : " فرغ ربكم عزّ وجلّ من العباد ، ثم قال باليمنى فنبذ بها فقال : فريق في الجنة ، ونبذ باليسرى وقال : فريق في السعير " " . وقوله تبارك وتعالى : { وَلَوْ شَآءَ ٱللَّهُ لَجَعَلَهُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً } أي إما على الهداية أو على الضلالة ، ولكنه تعالى فاوت بينهم ، فهدى من يشاء إلى الحق ، وأضل من يشاء عنه ، وله الحكمة والحجة البالغة ، ولهذا قال عزّ وجلّ : { وَلَـٰكِن يُدْخِلُ مَن يَشَآءُ فِي رَحْمَتِهِ وَٱلظَّالِمُونَ مَا لَهُمْ مِّن وَلِيٍّ وَلاَ نَصِيرٍ } وقال ابن جرير : إن موسى عليه الصلاة والسلام قال : يا رب خلقك الذين خلقتهم ، جعلت منهم فريقاً في الجنة وفريقاً في النار ، لو ما أدخلتهم كلهم الجنة ؟ فقال : يا موسى ارفع درعك ، فرفع ، قال : قد رفعت ، قال : ارفع ، فرفع ، فلم يترك شيئاً ، قال : يا رب قد رفعت ، قال : ارفع ، قال : قد رفعت ، إلا ما لا خير فيه ، قال : كذلك أدخل خلقي كلهم الجنة إلا ما لا خير فيه .