Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 45, Ayat: 24-26)
Tafsir: Muḫtaṣar tafsīr Ibn Kaṯīr
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
يخبر تعالى عن قول الدهرية من الكفار ومن وافقهم من مشركي العرب في إنكار المعاد { وَقَالُواْ مَا هِيَ إِلاَّ حَيَاتُنَا ٱلدُّنْيَا نَمُوتُ وَنَحْيَا } أي ما ثَمَّ إلاّ هذه الدار ، يموت قوم ويعيش آخرون ، وما ثم معاد ولا قيامة ، وهذا يقوله مشركو العرب المنكرون المعاد ، وتقوله الفلاسفة الدهرية المنكرون للصانع ، المعتقدون أن في كل ستة وثلاثين ألف سنة يعود كل شيء إلى ما كان عليه ، وزعموا أن هذا قد تكرر مرات لا تتناهى ، فكابروا العقول وكذبوا المنقول ، ولهذا قالوا : { وَمَا يُهْلِكُنَآ إِلاَّ ٱلدَّهْرُ } قال الله تعالى : { وَمَا لَهُمْ بِذَلِكَ مِنْ عِلْمٍ إِنْ هُمْ إِلاَّ يَظُنُّونَ } أي يتوهمون ويتخيلون ، فأما الحديث الصحيح عن أبي هريرة رضي الله عنه قال ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " يقول تعالى يؤذيني ابن آدم ، يسب الدهر وأنا الدهر ، بيدي الأمر أقلب ليله ونهاره " ، وفي رواية : " لا تسبوا الدهر فإن الله تعالى هو الدهر " فقد قال الشافعي وأبو عبيدة في تفسير الحديث : كانت العرب في جاهليتها إذا أصابهم شدة أو بلاء أو نكبة ، قالوا : " يا خيبة الدهر " فيسندون تلك الأفعال إلى الدهر ، ويسبونه ، وإنما فاعلها هو الله تعالى ، فكأنهم إنما سبوا الله عزّ وجلّ ، لأنه فاعل ذلك في الحقيقة ، فلهذا نهى عن سب الدهر بهذا الاعتبار ، لأن الله تعالى هو الدهر الذي يعنونه ويسندون إليه تلك الأفعال ، هذا أحسن ما قيل في تفسيره وهو المراد ، والله أعلم . وقوله تعالى : { وَإِذَا تُتْلَىٰ عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ } أي إذا بيّن لهم الحق ، وأن الله تعالى قادر على إعادة الأبدان بعد فنائها وتفرقها { مَّا كَانَ حُجَّتَهُمْ إِلاَّ أَن قَالُواْ ٱئْتُواْ بِآبَآئِنَآ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ } ، أي أحيوهم إن كان ما تقولونه حقاً ، قال الله تعالى : { قُلِ ٱللَّهُ يُحْيِيكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ } أي كما تشاهدون ذلك يخرجكم من العدم إلى الوجود ، { كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِٱللَّهِ وَكُنْتُمْ أَمْوَاتاً فَأَحْيَاكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ } [ البقرة : 28 ] ؟ أي الذي قدر على البداءة قادر على الإعادة بطريق الأولى والأحرى ، { وَهُوَ ٱلَّذِي يَبْدَؤُاْ ٱلْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ } [ الروم : 27 ] ، { ثُمَّ يَجْمَعُكُمْ إِلَىٰ يَوْمِ ٱلْقِيَامَةِ لاَ رَيْبَ فِيهِ } أي لا شك فيه { وَلَـٰكِنَّ أَكْثَرَ ٱلنَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ } أي فلهذا ينكرون المعاد ويستبعدون قيام الأجساد ، قال الله تعالى : { إِنَّهُمْ يَرَوْنَهُ بَعِيداً * وَنَرَاهُ قَرِيباً } [ المعارج : 6 - 7 ] أي يرون وقوعه بعيداً ، والمؤمنون يرون ذلك سهلاً قريباً .