Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 45, Ayat: 27-29)
Tafsir: Muḫtaṣar tafsīr Ibn Kaṯīr
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
يخبر تعالى أنه مالك السماوات والأرض ، والحاكم فيهما في الدنيا والآخرة ، ولهذا قال عزّ وجلّ : { وَيَوْمَ تَقُومُ ٱلسَّاَعةُ } أي يوم القيامة { يَخْسَرُ ٱلْمُبْطِلُونَ } وهم الكافرون بالله والجاحدون بما أنزله على رسله ، من الآيات البينات والدلائل الواضحات ، ثم قال تعالى : { وَتَرَىٰ كُلَّ أُمَّةٍ جَاثِيَةً } أي على ركبها من الشدة والعظمة ، ويقال : إن هذا إذا جيء بجهنم ، فإنها تزفر زفرة لا يبقى أحد إلاّ جثا لركبتيه ، حتى إبراهيم الخليل عليه الصلاة والسلام ، ويقول نفسي نفسي نفسي ، لا أسألك اليوم إلاّ نفسي ، وحتى إن عيسى عليه الصلاة والسلام ليقول : لا أسألك اليوم إلاّ نفسي ، لا أسألك مريم التي ولدتني ، قال مجاهد { كُلَّ أُمَّةٍ جَاثِيَةً } أي على الركب ، وقال عكرمة { جَاثِيَةً } متميزة على ناحيتها ، وليس على الركب ، والأول أولى لما روي عن عبد الله بن باباه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " كأني أراكم جاثين بالكوم دون جهنم " ، وقال محمد بن كعب عن أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعاً في حديث الصور : فيتميز الناس ، وتجثو الأمم ، وهي التي يقول الله تعالى : { وَتَرَىٰ كُلَّ أُمَّةٍ جَاثِيَةً كُلُّ أمَّةٍ تُدْعَىٰ إِلَىٰ كِتَابِهَا } وهذا فيه جمع بين القولين ، ولا منافاة والله أعلم ، وقوله عزّ وجلّ : { كُلُّ أمَّةٍ تُدْعَىٰ إِلَىٰ كِتَابِهَا } يعني كتاب أعمالها كقوله جلّ جلاله : { وَوُضِعَ ٱلْكِتَابُ وَجِـيءَ بِٱلنَّبِيِّيْنَ وَٱلشُّهَدَآءِ } [ الزمر : 69 ] ، ولهذا قال سبحانه وتعالى : { ٱلْيَوْمَ تُجْزَوْنَ مَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ } أي تجازون بأعمالكم خيرها وشرها ، كقوله عزّ وجلّ : { يُنَبَّأُ ٱلإِنسَانُ يَوْمَئِذٍ بِمَا قَدَّمَ وَأَخَّرَ } [ القيامة : 13 ] ، ولهذا قال جلَّت عظمته : { هَـٰذَا كِتَابُنَا يَنطِقُ عَلَيْكُم بِٱلْحَقِّ } أي يستحضر جميع أعمالكم من غير زيادة ولا نقص ، كقوله جلّ جلاله : { وَوُضِعَ ٱلْكِتَابُ فَتَرَى ٱلْمُجْرِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا فِيهِ وَيَقُولُونَ يٰوَيْلَتَنَا مَالِ هَـٰذَا ٱلْكِتَابِ لاَ يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلاَ كَبِيرَةً إِلاَّ أَحْصَاهَا وَوَجَدُواْ مَا عَمِلُواْ حَاضِراً وَلاَ يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَداً } [ الكهف : 49 ] ، وقوله عزّ جلّ : { إِنَّا كُنَّا نَسْتَنسِخُ مَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ } أي إنا كنا نأمر الحفظة أن تكتب أعمالكم عليكم ، قال ابن عباس وغيره : تكتب الملائكة أعمال العباد ، ثم تصعد بها إلى السماء ، فيقابل الملائكة الذين في ديوان الأعمال على ما بأيدي الكتبة ، مما قد أبرز لهم من اللوح المحفوظ في كل ليلة قدر مما كتبه الله في القدم على العباد قبل أن يخلقهم ، فلا يزيد حرفاً ولا ينقص حرفاً ، ثم قرأ : { إِنَّا كُنَّا نَسْتَنسِخُ مَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ } .