Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 47, Ayat: 14-15)
Tafsir: Muḫtaṣar tafsīr Ibn Kaṯīr
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
يقول تعالى : { أَفَمَن كَانَ عَلَىٰ بَيِّنَةٍ مِّن رَّبِّهِ } أي على بصيرة ويقين في أمر الله ودينه ، بما أنزل الله في كتابه من الهدى والعلم ، وبما جبله الله عليه من الفطرة المستقيمة ، { كَمَن زُيِّنَ لَهُ سُوۤءُ عَمَلِهِ وَٱتَّبَعُوۤاْ أَهْوَاءَهُمْ } ؟ أي ليس هذا كهذا ، كقوله تعالى : { أَفَمَن يَعْلَمُ أَنَّمَآ أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَبِّكَ ٱلْحَقُّ كَمَنْ هُوَ أَعْمَىٰ } [ الرعد : 19 ] ثم قال عزّ وجلّ : { مَّثَلُ ٱلْجَنَّةِ ٱلَّتِي وُعِدَ ٱلْمُتَّقُونَ } قال عكرمة { مَّثَلُ ٱلْجَنَّةِ } أي نعتها ، { فِيهَآ أَنْهَارٌ مِّن مَّآءٍ غَيْرِ آسِنٍ } يعني غير متغير ، والعرب تقول : أَسِنَ الماءُ إذا تغير ريحه ، وفي حديث مرفوع { غَيْرِ آسِنٍ } يعني الصافي الذي لا كدر فيه ، وقال عبد الله رضي الله عنه : أنهار الجنة تفجر من جبل مسك { وَأَنْهَارٌ مِّن لَّبَنٍ لَّمْ يَتَغَيَّرْ طَعْمُهُ } بل في غاية البياض والحلاوة والدسومة ، وفي حديث مرفوع : " لم يخرج من ضروع الماشية " ، { وَأَنْهَارٌ مِّنْ خَمْرٍ لَّذَّةٍ لِّلشَّارِبِينَ } أي ليست كريهة الطعم والرائحة كخمر الدنيا ، بل حسنة المنظر والطعم والرائحة ، { لاَ فِيهَا غَوْلٌ وَلاَ هُمْ عَنْهَا يُنزَفُونَ } [ الصافات : 47 ] { لاَّ يُصَدَّعُونَ عَنْهَا وَلاَ يُنزِفُونَ } [ الواقعة : 19 ] ، وفي حديث مرفوع : " لم يعصرها الرجال بأقدامهم " { وَأَنْهَارٌ مِّنْ عَسَلٍ مُّصَفًّى } أي وهو في غاية الصفاء وحسن اللون والطعم والريح ، وفي حديث مرفوع : " لم يخرج من بطون النحل " . روى الإمام أحمد عن حكيم بن معاوية عن أبيه قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " في الجنة بحر اللبن وبحر الماء ، وبحر العسل وبحر الخمر ، ثم تشقق الأنهار منها بعد " وفي الصحيح : " إذا سألتم الله تعالى فاسألوه الفردوس فإنه أوسط الجنة وأعلى الجنة ، ومنه تفجَّر أنهار الجنة وفوقه عرش الرحمٰن " ، وقال الحافظ الطبراني عن عاصم " أن لقيط بن عامر خرج وافداً إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قلت : يا رسول الله فعلى ما نطلع من الجنة ؟ قال صلى الله عليه وسلم : " على أنهار من عسل مصفى ، وأنهار من خمر ما بها صداع ولا ندامة ، وأنهار من لبن لم يتغير طعمه ، وماء غير آسن ، وفاكهة لعمر إلهك ما تعلمون ، وخير من مثله ، وأزواج مطهرة " ، قلت يا رسول الله أو لنا فيها أزواج مصلحات ؟ قال : " الصالحات للصالحين تلذونهن مثل لذاتكم في الدنيا ويلذونكم غير أن لا توالد " " وعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال : لعلكم تظنون أن أنهار الجنة تجري في أخدود في الأرض ، والله إنها لتجري سائحة على وجه الأرض حافاتها قباب اللؤلؤ ، وطينها المسك الأذفر . وقوله تعالى : { وَلَهُمْ فِيهَا مِن كُلِّ ٱلثَّمَرَاتِ } كقوله عزَّ وجلَّ : { يَدْعُونَ فِيهَا بِكلِّ فَاكِهَةٍ آمِنِينَ } [ الدخان : 55 ] ، وقوله : سبحانه وتعالى : { وَمَغْفِرَةٌ مِّن رَّبِّهِمْ } أي مع ذلك كله ، وقوله سبحانه وتعالى : { كَمَنْ هُوَ خَالِدٌ فِي ٱلنَّارِ } أي أهؤلاء الذين ذكرنا منزلتهم من الجنة ، كمن هو خالد في النار ؟ ليس هؤلاء كهؤلاء ، وليس من هو في الدرجات كمن هو في الدركات ، { وَسُقُواْ مَآءً حَمِيماً } أي حاراً شديد الحر لا يستطاع ، { فَقَطَّعَ أَمْعَآءَهُمْ } أي قطع ما في بطونهم من الأمعاء والأحشاء ، عياذاً بالله تعالى من ذلك .