Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 47, Ayat: 10-13)
Tafsir: Muḫtaṣar tafsīr Ibn Kaṯīr
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
يقول تعالى : { أَفَلَمْ يَسِيرُواْ } يعني المشركين بالله المكذبين لرسوله { فِي ٱلأَرْضِ فَيَنظُرُواْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ ٱلَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ دَمَّرَ ٱللَّهُ عَلَيْهِمْ } أي عاقبهم بتكذيبهم وكفرهم أي ونجَّى المؤمنين من بين أظهرهم ، ولهذا قال تعالى : { وَلِلْكَافِرِينَ أَمْثَالُهَا } ثم قال : { ذَلِكَ بِأَنَّ ٱللَّهَ مَوْلَى ٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَأَنَّ ٱلْكَافِرِينَ لاَ مَوْلَىٰ لَهُمْ } ، ولهذا " لما قال أبو سفيان رئيس المشركين يوم أُحُد : اعلُ هُبَل ، اعلُ هُبَل ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ألا تجيبوه ؟ " فقالوا : يا رسول الله وما نقول ؟ قال صلى الله عليه وسلم قولوا : " الله أعلى وأجل " ، ثم قال أبو سفيان : لنا العزى ولا عزى لكم ، فقال صلى الله عليه وسلم : " ألا تجيبوه ؟ " ، قالوا : وما نقول يا رسول الله ؟ قال : قولوا : الله مولانا ولا مولى لكم " ، ثم قال سبحانه وتعالى : { إِنَّ ٱللَّهَ يُدْخِلُ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا ٱلأَنْهَارُ } أي يوم القيامة { وَٱلَّذِينَ كَفَرُواْ يَتَمَتَّعُونَ وَيَأْكُلُونَ كَمَا تَأْكُلُ ٱلأَنْعَامُ } أي في دنياهم يتمتعون بها ويأكلون منها كأكل الأنعام ، خضماً وقضماً ليس لهم همة إلاّ في ذلك ، ولهذا ثبت في الصحيح : " المؤمن يأكل في مِعَى واحد ، والكافر يأكل في سبعة أمعاء " ، ثم قال تعالى : { وَٱلنَّارُ مَثْوًى لَّهُمْ } أي يوم جزائهم ، وقوله عزّ وجلّ : { وَكَأَيِّن مِّن قَرْيَةٍ هِيَ أَشَدُّ قُوَّةً مِّن قَرْيَتِكَ ٱلَّتِيۤ أَخْرَجَتْكَ } يعني مكة { أَهْلَكْنَاهُمْ فَلاَ نَاصِرَ لَهُمْ } ، وهذا تهديد شديد ووعيد أكيد لأهل مكة ، في تكذيبهم لرسول الله صلى الله عليه وسلم وهو سيد الرسل وخاتم الأنبياء ، فإذا كان الله عزَّ وجلَّ قد أهلك الذين كذبوا الرسل قبله ، فما ظن هؤلاء أن يفعل الله بهم في الدنيا والأُخرى ؟ وقوله تعالى : { مِّن قَرْيَتِكَ ٱلَّتِيۤ أَخْرَجَتْكَ } أي الذين أخرجوك من بين أظهرهم ، روى ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم لما خرج من مكة إلى الغار وأتاه ، فالتفت إلى مكة ، وقال : " أنت أحب بلاد الله إلى الله ، وأنت أحب بلاد الله إليّ ، ولولا أن المشركين أخرجوني لم أخرج منك " فأعدى الأعداء من عدا على الله تعالى في حرمه ، أو قتل غير قاتله ، أو قتل بذُحول الجاهلية ، فأنزل الله تعالى على نبيَّه صلى الله عليه وسلم : { وَكَأَيِّن مِّن قَرْيَةٍ هِيَ أَشَدُّ قُوَّةً مِّن قَرْيَتِكَ ٱلَّتِيۤ أَخْرَجَتْكَ أَهْلَكْنَاهُمْ فَلاَ نَاصِرَ لَهُمْ } .