Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 50, Ayat: 1-5)
Tafsir: Muḫtaṣar tafsīr Ibn Kaṯīr
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ قۤ } حرف من حروف الهجاء المذكورة في أوائل السور ، كقوله تعالى : { صۤ } و { نۤ } و { الۤمۤ } ونحو ذلك قاله مجاهد وغيره ، وقد أسلفنا الكلام عليها في أول سورة البقرة بما أغنى عن إعادته ، وقوله تعالى : { وَٱلْقُرْآنِ ٱلْمَجِيدِ } ، أي الكريم العظيم الذي { لاَّ يَأْتِيهِ ٱلْبَاطِلُ مِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَلاَ مِنْ خَلْفِهِ تَنزِيلٌ مِّنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ } [ فصلت : 42 ] ، واختلفوا في جواب القسم ما هو ؟ فحكى ابن جرير عن بعض النحاة أنه قوله تعالى : { قَدْ عَلِمْنَا مَا تَنقُصُ ٱلأَرْضُ مِنْهُمْ وَعِندَنَا كِتَابٌ حَفِيظٌ } وفي هذا نظر ، بل الجواب هو مضمون الكلام بعد القسم وهو إثبات النبوة وإثبات المعاد وتقريره وتحقيقه ، وإن لم يكن القسم يتلقى لفظاً ، وهذا كثير في أقسام القرآن كما تقدم في قوله : { صۤ وَٱلْقُرْآنِ ذِي ٱلذِّكْرِ * بَلِ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ فِي عِزَّةٍ وَشِقَاقٍ } [ ص : 1 - 2 ] ، وهكذا قال هٰهنا { قۤ وَٱلْقُرْآنِ ٱلْمَجِيدِ * بَلْ عَجِبُوۤاْ أَن جَآءَهُمْ مُّنذِرٌ مِّنْهُمْ فَقَالَ ٱلْكَافِرُونَ هَـٰذَا شَيْءٌ عَجِيبٌ } أي تعجبوا من إرسال رسول إليهم من البشر ، كقوله جلّ جلاله : { أَكَانَ لِلنَّاسِ عَجَباً أَنْ أَوْحَيْنَآ إِلَىٰ رَجُلٍ مِّنْهُمْ أَنْ أَنذِرِ ٱلنَّاسَ } [ يونس : 2 ] أي وليس هذا بعجيب ، فإن الله يصطفي من الملائكة رسلاً ومن الناس ، ثم قال عزّ وجلّ مخبراً عنهم في تعجبهم أيضاً من المعاد واستبعادهم لوقوعه { أَإِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَاباً ذَلِكَ رَجْعٌ بَعِيدٌ } أي يقولون أئذا متنا وبلينا وتقطعت الأوصال منا وصرنا تراباً ، كيف يمكن الرجوع بعد ذلك إلى هذه البنية والتركيب ؟ { ذَلِكَ رَجْعٌ بَعِيدٌ } أي بعيد الوقوع ، والمعنى أنهم يعتقدون استحالته وعدم إمكانه ، قال الله تعالى راداً عليهم { قَدْ عَلِمْنَا مَا تَنقُصُ ٱلأَرْضُ مِنْهُمْ } أي ما تأكل من أجسادهم في البلى ، نعلم ذلك لا يخفى علينا أين تفرقت الأبدان ، وأين ذهبت وإلى أين صارت { وَعِندَنَا كِتَابٌ حَفِيظٌ } أي حافظ لذلك ، فالعلم شامل والكتاب أيضاً فيه كل الأشياء مضبوطة ، قال ابن عباس { قَدْ عَلِمْنَا مَا تَنقُصُ ٱلأَرْضُ مِنْهُمْ } أي ما تأكل من لحومهم وأبشارهم ، وعظامهم وأشعارهم ؛ ثم بين تبارك وتعالى سبب كفرهم وعنادهم واستبعادهم ما ليس ببعيد ، فقال : { بَلْ كَذَّبُواْ بِٱلْحَقِّ لَمَّا جَآءَهُمْ فَهُمْ فِيۤ أَمْرٍ مَّرِيجٍ } أي وهذا حال كل من خرج عن الحق مهما قال بعد ذلك فهو باطل ، و " المريج " المختلف المضطرب المنكر ، كقوله تعالى : { إِنَّكُمْ لَفِي قَوْلٍ مُّخْتَلِفٍ * يُؤْفَكُ عَنْهُ مَنْ أُفِكَ } [ الذاريات : 8 - 9 ] .