Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 50, Ayat: 6-11)

Tafsir: Muḫtaṣar tafsīr Ibn Kaṯīr

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

يقول تعالى منبهاً للعباد على قدرته العظيمة ، التي أظهر بها ما هو أعظم مما تعجبوا مستبعدين لوقوعه { أَفَلَمْ يَنظُرُوۤاْ إِلَى ٱلسَّمَآءِ فَوْقَهُمْ كَيْفَ بَنَيْنَاهَا وَزَيَّنَّاهَا } ؟ أي بالمصابيح ، { وَمَا لَهَا مِن فُرُوجٍ } قال مجاهد : يعني من شقوق ، وقال غيره : فتوق ، وقال غيره : صدوع ، والمعنى متقارب ، كقوله تبارك وتعالى : { مَّا تَرَىٰ فِي خَلْقِ ٱلرَّحْمَـٰنِ مِن تَفَاوُتٍ فَٱرْجِعِ ٱلْبَصَرَ هَلْ تَرَىٰ مِن فُطُورٍ } [ الملك : 3 ] . وقوله تبارك وتعالى : { وَٱلأَرْضَ مَدَدْنَاهَا } أي وسعناها وفرشناها { وَأَلْقَيْنَا فِيهَا رَوَاسِيَ } وهي الجبال لئلا تميد بأهلها وتضطرب ، فإنها مقرة على تيار الماء المحيط بها من جميع جوانبها ، { وَأَنبَتْنَا فِيهَا مِن كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ } أي من جميع الزروع والثمار والنبات والأنواع ، { وَمِن كُلِّ شَيْءٍ خَلَقْنَا زَوْجَيْنِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ } [ الذاريات : 49 ] وقوله { بَهِيجٍ } أي حسن المنظر ، { تَبْصِرَةً وَذِكْرَىٰ لِكُلِّ عَبْدٍ مُّنِيبٍ } أي مشاهدة خلق السماوات والأرض وما جعل الله فيهما من الآيات العظيمة { تَبْصِرَةً } ودلالة وذكرى لكل { عَبْدٍ مُّنِيبٍ } أي خاضع خائف وجل ، رجَّاع إلى الله عزَّ وجلَّ ، وقوله تعالى : { وَنَزَّلْنَا مِنَ ٱلسَّمَآءِ مَآءً مُّبَارَكاً } أي نافعاً { فَأَنبَتْنَا بِهِ جَنَّاتٍ } أي حدائق من بساتين ونحوها { وَحَبَّ ٱلْحَصِيدِ } وهو الزرع الذي يراد لحبه وادخاره . { وَٱلنَّخْلَ بَاسِقَاتٍ } أي طوالاً شاهقات ، قال ابن عباس ومجاهد وعكرمة : الباسقات الطوال ، { لَّهَا طَلْعٌ نَّضِيدٌ } أي منضود ، { رِّزْقاً لِّلْعِبَادِ } أي للخلق ، { وَأَحْيَيْنَا بِهِ بَلْدَةً مَّيْتاً } وهي الأرض التي كانت هامدة ، فلما نزل عليها الماء اهتزت وربت وأنبتت من كل زوج بهيج ، من أزاهير وغير ذلك مما يحار الطرف في حسنها ، وذلك بعدما كانت لا نبات بها فأصبحت تهتز خضراء ، فهذا مثال للبعث بعد الموت والهلاك ، كذلك يحيي الله الموتى ، وهذا المشاهد من عظيم قدرته بالحس ، أعظم مما أنكره الجاحدون للبعث ، كقوله عزّ وجل : { لَخَلْقُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ أَكْـبَرُ مِنْ خَلْقِ ٱلنَّاسِ } [ غافر : 57 ] ، وقوله تعالى : { أَوَلَمْ يَرَوْاْ أَنَّ ٱللَّهَ ٱلَّذِي خَلَقَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضَ وَلَمْ يَعْيَ بِخَلْقِهِنَّ بِقَادِرٍ عَلَىٰ أَن يُحْيِـيَ ٱلْمَوْتَىٰ بَلَىٰ إِنَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ } [ الأحقاف : 33 ] وقال سبحانه وتعالى : { وَمِنْ آيَاتِهِ أَنَّكَ تَرَى ٱلأَرْضَ خَاشِعَةً فَإِذَآ أَنزَلْنَا عَلَيْهَا ٱلْمَآءَ ٱهْتَزَّتْ وَرَبَتْ إِنَّ ٱلَّذِيۤ أَحْيَاهَا لَمُحْىِ ٱلْمَوْتَىٰ إِنَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ } [ فصلت : 39 ] .