Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 50, Ayat: 41-45)
Tafsir: Muḫtaṣar tafsīr Ibn Kaṯīr
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
يقول تعالى : { وَٱسْتَمِعْ } يا محمد { يَوْمَ يُنَادِ ٱلْمُنَادِ مِن مَّكَانٍ قَرِيبٍ } قال كعب الأحبار : يأمر الله تعالى ملكاً أن ينادي على صخرة بيت المقدس : أيتها العظام البالية ، والأوصال المتقطعة ، إن الله تعالى يأمركنَّ أن تجتمعن لفصل القضاء { يَوْمَ يَسْمَعُونَ ٱلصَّيْحَةَ بِٱلْحَقِّ } يعني النفخة في الصور التي تأتي بالحق الذي كان أكثرهم فيه يمترون ، { ذَلِكَ يَوْمُ ٱلْخُرُوجِ } أي من الأجداث { إِنَّا نَحْنُ نُحْيِـي وَنُمِيتُ وَإِلَيْنَا ٱلْمَصِيرُ } ، أي هو الذي يبدأ الخلق ثم يعيده ، وإليه مصير الخلائق كلهم ، فيجازي كلاً بعمله ، إن خيراً فخير . وإن شراً فشر . وقوله تعالى : { يَوْمَ تَشَقَّقُ ٱلأَرْضُ عَنْهُمْ سِرَاعاً } وذلك أن الله عزَّ وجلَّ ينزل مطراً من السماء ينبت به أجساد الخلائق كلها في قبورها كما ينبت الحب في الثرى بالماء ، فإذا تكاملت الأجساد أمر الله تعالى إسرافيل فينفخ في الصور ، فإذا نفخ فيه خرجت الأرواح تتوهج بين السماء والأرض ، فيقول الله عزَّ وجلَّ : وعزتي وجلالي لترجعن كل روح إلى الجسد الذي كانت تعمره ، فترجع كل روح إلى جسدها ، فتدب فيه كما يدب السم في اللديغ ، وتنشق الأرض عنهم فيقومون إلى موقف الحساب ، سراعاً مبادرين إلى أمر الله عزَّ وجلَّ ، { مُّهْطِعِينَ إِلَى ٱلدَّاعِ يَقُولُ ٱلْكَافِرُونَ هَـٰذَا يَوْمٌ عَسِرٌ } [ القمر : 8 ] ، وقال تعالى : { يَوْمَ يَدْعُوكُمْ فَتَسْتَجِيبُونَ بِحَمْدِهِ وَتَظُنُّونَ إِن لَّبِثْتُمْ إِلاَّ قَلِيلاً } [ الإسراء : 52 ] . وفي " صحيح مسلم " عن أنَس رضي الله عنه قال ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " أنا أول من تنشق عنه الأرض " وقوله عزّ وجلّ : { ذَلِكَ حَشْرٌ عَلَيْنَا يَسِيرٌ } أي تلك إعادة سهلة علينا يسيرة لدينا ، كما قال جلّ جلاله : { وَمَآ أَمْرُنَآ إِلاَّ وَاحِدَةٌ كَلَمْحٍ بِٱلْبَصَرِ } [ القمر : 50 ] ، وقال سبحانه وتعالى : { مَّا خَلْقُكُمْ وَلاَ بَعْثُكُمْ إِلاَّ كَنَفْسٍ وَاحِدَةٍ إِنَّ ٱللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ } [ لقمان : 28 ] ، وقوله جل وعلا : { نَّحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَقُولُونَ } ، أي علمنا محيط بما يقول لك المشركون ، فلا يهولنك ذلك ، كقوله { وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّكَ يَضِيقُ صَدْرُكَ بِمَا يَقُولُونَ } [ الحجر : 97 ] وقوله تبارك وتعالى : { وَمَآ أَنتَ عَلَيْهِمْ بِجَبَّارٍ } أي ولست بالذي تجبر هؤلاء على الهدى ، وليس ذلك مما كلفت به ، وقال مجاهد والضحاك : أي لا تتجبر عليهم ، والقول الأول أولى ، قال الفراء : سمعت العرب تقول : جبر فلان فلاناً على كذا بمعنى أجبره ، ثم قال عزّ وجل : { فَذَكِّرْ بِٱلْقُرْآنِ مَن يَخَافُ وَعِيدِ } أي بلّغ أنت رسالة ربك ، فإنما يتذكر من يخاف الله ووعيده كقوله تعالى : { فَإِنَّمَا عَلَيْكَ ٱلْبَلاَغُ وَعَلَيْنَا ٱلْحِسَابُ } [ الرعد : 40 ] ، وقوله جلّ جلاله : { فَذَكِّرْ إِنَّمَآ أَنتَ مُذَكِّرٌ * لَّسْتَ عَلَيْهِم بِمُصَيْطِرٍ } [ الغاشية : 21 - 22 ] . { لَّيْسَ عَلَيْكَ هُدَاهُمْ وَلَـٰكِنَّ ٱللَّهَ يَهْدِي مَن يَشَآءُ } [ البقرة : 272 ] ، { إِنَّكَ لاَ تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَـٰكِنَّ ٱللَّهَ يَهْدِي مَن يَشَآءُ } [ القصص : 56 ] ولهذا قال هٰهنا : { وَمَآ أَنتَ عَلَيْهِمْ بِجَبَّارٍ فَذَكِّرْ بِٱلْقُرْآنِ مَن يَخَافُ وَعِيدِ } كان قتادة يقول : اللهم اجعلنا ممن يخاف وعيدك ، ويرجو موعودك ، يا بار يا رحيم .