Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 51, Ayat: 1-14)
Tafsir: Muḫtaṣar tafsīr Ibn Kaṯīr
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله تعالى : { وَٱلذَّارِيَاتِ ذَرْواً } قال علي رضي الله عنه : الريح ، { فَٱلْحَامِلاَتِ وِقْراً } قال : السحاب { فَٱلْجَارِيَاتِ يُسْراً } قال : السفن { فَٱلْمُقَسِّمَاتِ أَمْراً } قال : الملائكة . وقد روي عن سعيد بن المسيب قال : جاء صبيغ التميمي إلى عمر بن الخطاب رضي الله عنه ، قال : يا أمير المؤمنين أخبرني عن الذاريات ذرواً ، فقال عمر رضي الله عنه : هي الرياح ، ولولا أني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقوله ما قلته ، قال : فأخبرني عن المقسمات أمراً ، قال رضي الله عنه : هي الملائكة ، ولولا أني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقوله ما قلته ، قال : فأخبرني عن الجاريات يسراً ، قال رضي الله عنه : هي السفن ، ولولا أني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقوله ما قلته . وهكذا فسرها ابن عباس وابن عمر وغير واحد ، ولم يحك ابن جرير غير ذلك ، وقد قيل : إن المراد بالذاريات ( الريح ) وبالحاملات وقراً ( السحاب ) كما تقدم لأنها تحمل الماء ، فأما { فَٱلْجَارِيَاتِ يُسْراً } فالمشهور عن الجمهور أنها السفن . تجري ميسرة في الماء جرياً سهلاً ، وقال بعضهم : هي النجوم تجري يسراً في أفلاكها ، ليكون ذلك ترقياً من الأدنى إلى الأعلى ، فالرياح فوقها السحاب ، والنجوم فوق ذلك ، والمقسمات أمراً ، الملائكة فوق ذلك تنزل بأوامر الله الشرعية والكونية ، وهذا قسم من الله عزّ وجلّ على وقوع المعاد ، ولهذا قال تعالى : { إِنَّمَا تُوعَدُونَ لَصَادِقٌ } أي لخبر صدق ، { وَإِنَّ ٱلدِّينَ } وهو الحساب { لَوَاقِعٌ } أي لكائن لا محالة ، ثم قال تعالى : { وَٱلسَّمَآءِ ذَاتِ ٱلْحُبُكِ } قال ابن عباس : ذات الجمال والبهاء ، والحسن والاستواء ، وقال الضحاك : الرمل والزرع إذا ضربته الريح فينسج بعضه بعضاً طرائق طرائق ، فذلك الحبك ، وعن أبي صالح { ذَاتِ ٱلْحُبُكِ } الشدة ، وقال خصيف { ذَاتِ ٱلْحُبُكِ } ذات الصفاقة ، وقال الحسن البصري : { ذَاتِ ٱلْحُبُكِ } حبكت النجوم ، وقال عبد الله بن عمرو { وَٱلسَّمَآءِ ذَاتِ ٱلْحُبُكِ } يعني السماء السابعة وكأنه - والله أعلم - أراد بذلك السماء التي فيها الكواكب الثابتة . وكل هذه الأقوال ترجع إلى شيء واحد وهو الحسن والبهاء ، كما قال ابن عباس رضي الله عنهما فإنها من حسنها مرتفعة شفافة صفيقة ، شديدة البناء ، متسعة الأرجاء ، أنيقة البهاء ، مكللة بالنجوم الثوابت والسيارات ، موشحة بالكواكب الزاهرات . وقوله تعالى : { إِنَّكُمْ لَفِي قَوْلٍ مُّخْتَلِفٍ } أي إنكم أيها المشركون المكذبون للرسل { لَفِي قَوْلٍ مُّخْتَلِفٍ } مضطرب لا يلتئم ولا يجتمع ، وقال قتادة : { إِنَّكُمْ لَفِي قَوْلٍ مُّخْتَلِفٍ } ما بين مصدق بالقرآن ومكذب به { يُؤْفَكُ عَنْهُ مَنْ أُفِكَ } أي إنما يروج على من هو ضال في نفسه ، لأنه قول باطل ، ينقاد له ويضل بسببه من هو مأفوك ضال ، غِمْر لا فهم له . قال ابن عباس { يُؤْفَكُ عَنْهُ مَنْ أُفِكَ } يضل عنه من ضل ، وقال مجاهد : يؤفن عنه من أفن ، وقال الحسن البصري : يصرف عن هذا القرآن من كذب به ، وقوله تعالى : { قُتِلَ ٱلْخَرَّاصُونَ } قال مجاهد : الكذابون ، وهي مثل التي في عبس ، { قُتِلَ ٱلإِنسَانُ مَآ أَكْفَرَهُ } [ عبس : 17 ] والخراصون الذين يقولون : لا نبعث ولا يوقنون ، وقال ابن عباس : { قُتِلَ ٱلْخَرَّاصُونَ } أي لعن المرتابون ، وقال قتادة : الخراصون أهل الغرة والظنون ، وقوله تبارك وتعالى : { ٱلَّذِينَ هُمْ فِي غَمْرَةٍ سَاهُونَ } قال ابن عباس وغير واحد : في الكفر والشك غافلون لاهون { يَسْأَلُونَ أَيَّانَ يَوْمُ ٱلدِّينِ } وإنما يقولون هذا تكذيباً وعناداً ، وشكاً واستبعاداً قال الله تعالى : { يَوْمَ هُمْ عَلَى ٱلنَّارِ يُفْتَنُونَ } قال ابن عباس : يعذبون ، قال مجاهد : كما يفتن الذهب على النار ، وقال جماعة آخرون : { يُفْتَنُونَ } يحرقون { ذُوقُواْ فِتْنَتَكُمْ } قال مجاهد : حريقكم ، وقال غيره : عذابكم { هَـٰذَا ٱلَّذِي كُنتُمْ بِهِ تَسْتَعْجِلُونَ } أي يقال لهم ذلك تقريعاً وتوبيخاً ، وتحقيراً وتصغيراً ، والله أعلم .