Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 51, Ayat: 24-30)
Tafsir: Muḫtaṣar tafsīr Ibn Kaṯīr
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
هذه القصة قد تقدمت في سورة هود والحجر ، فقوله : { هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ ضَيْفِ إِبْرَاهِيمَ ٱلْمُكْرَمِينَ } أي الذين أرصد لهم الكرامة ، وقد ذهب الإمام أحمد إلى وجوب الضيافة للنزيل ، وقد وردت السنة بذلك كما هو ظاهر التنزيل ، وقوله تعالى : { فَقَالُواْ سَلاَماً قَالَ سَلاَمٌ } الرفع أقوى وأثبت من النصب ، فردّه أفضل من التسليم ، ولهذا قال تعالى : { وَإِذَا حُيِّيتُم بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّواْ بِأَحْسَنَ مِنْهَآ أَوْ رُدُّوهَآ } [ النساء : 86 ] فالخليل اختار الأفضل ، وقوله تعالى : { قَوْمٌ مُّنكَرُونَ } وذلك أن الملائكة ، وهم جبريل وميكائيل وإسرافيل ، قدموا عليه في صورة شبان حسان عليهم مهابة عظيمة ، ولهذا قال { قَوْمٌ مُّنكَرُونَ } . وقوله عزّ وجلّ : { فَرَاغَ إِلَىٰ أَهْلِهِ } أي انسل خفية في سرعة ، { فَجَآءَ بِعِجْلٍ سَمِينٍ } أي من خيار ماله ، وفي الآية الأُخْرى : { فَمَا لَبِثَ أَن جَآءَ بِعِجْلٍ حَنِيذٍ } [ هود : 69 ] أي مشوي على الرَّضْف { فَقَرَّبَهُ إِلَيْهِمْ } أي أدناه منهم ، { قَالَ أَلاَ تَأْكُلُونَ } ؟ تلطف في العبارة وعرض حسن ، وهذه الآية انتظمت آداب الضيافة فإنه جاء بطعام من حيث لا يشعرون بسرعة ، وأتى بأفضل ما وجد من ماله وهو عجلٌ فتيٌّ سمين مشوي ، فقربه إليهم لم يضعه وقال اقتربوا ، بل وضعه بين أيديهم ، ولم يأمرهم أمراً يشق على سامعه بصيغة الجزم ، بل قال : { أَلاَ تَأْكُلُونَ } ؟ على سبيل العرض والتلطف ، كما يقول القائل اليوم : إن رأيت أن تتفضل وتحسن وتتصدق فافعل . وقوله تعالى : { فَأَوْجَسَ مِنْهُمْ خِيفَةً } كقوله تعالى : { فَلَمَّا رَأَى أَيْدِيَهُمْ لاَ تَصِلُ إِلَيْهِ نَكِرَهُمْ وَأَوْجَسَ مِنْهُمْ خِيفَةً } [ هود : 70 ] { قَالُواْ لاَ تَخَفْ وَبَشَّرُوهُ بِغُلاَمٍ عَلَيمٍ } البشارة له بشارة لها ، لأن الولد منهما فكل منهما بشر به ، وقوله تعالى : { فَأَقْبَلَتِ ٱمْرَأَتُهُ فِي صَرَّةٍ } أي في صرخة عظيمة ورنة ، وهي قولها { يَاوَيْلَتَا } [ المائدة : 31 ] { فَصَكَّتْ وَجْهَهَا } أي ضربت بيدها على جبينها ، قال ابن عباس : لطمت أي تعجباً ، كما تتعجب النساء من الأمر الغريب { وَقَالَتْ عَجُوزٌ عَقِيمٌ } أي كيف ألد وأنا عجوز وقد كنت في حال الصبا عقيماً لا أحبل ؟ { قَالُواْ كَذَلِكِ قَالَ رَبُّكِ إِنَّهُ هُوَ ٱلْحَكِيمُ ٱلْعَلِيمُ } أي عليم بما تستحقون من الكرامة ، حكيم في أقواله وأفعاله .